لماذا سميت بسورة العلق


نسبة للآية 2 من السورة :
" خلق الإنسان من علق "
تفصيلا للآية الأولى ( اقرأ باسم ربك الذى خلق ) .
سميت سورة العلق لأنها تبدأ بأمر من الله لنبيه و للمسلمين والبشر بأن يقرأوا باسم ربهم الذى خلق الإنسان من علق .و العلق الدم المتجمد و المراد به ما يستحيل إليه النطفة في الرحم. ففي الآية إشارة إلى التدبير الإلهي الوارد على الإنسان من حين كان علقة إلى حين يصير إنسانا تاما كاملا له من أعاجيب الصفات و الأفعال ما تتحير فيه العقول فلم يتم الإنسان إنسانا و لم يكمل إلا بتدبير متعاقب منه تعالى و هو بعينه خلق بعد خلق فهو تعالى رب مدبر لأمر الإنسان بعين أنه خالق له فليس للإنسان إلا أن يتخذه وحده ربا ففي الكلام احتجاج على توحيد الربوبية.

قوله تعالى: «اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق» قال الراغب: و القراءة ضم الحروف و الكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، و ليس يقال ذلك لكل جمع لا يقال: قرأت القوم إذا جمعتهم، و يدل على ذلك أنه لا يقال: للحرف الواحد إذا تفوه به: قراءة انتهى.
و على أي حال، يقال: قرأت الكتاب إذا جمعت ما فيه من الحروف و الكلمات بضم بعضها إلى بعض في الذهن و إن لم تتلفظ بها، و يقال: قرأته إذا جمعت الحروف و الكلمات بضم بعضها إلى بعض في التلفظ، و يقال قرأته عليه إذا جمعت بين حروفه و كلماته في سمعه و يطلق عليها بهذا المعنى التلاوة أيضا قال تعالى: «رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة»: البينة: 2.
و ظاهر إطلاق قوله: «اقرأ» المعنى الأول و المراد به الأمر بتلقي ما يوحيه إليه ملك الوحي من القرآن فالجملة أمر بقراءة الكتاب و هي من الكتاب كقول القائل في مفتتح كتابه لمن أرسله إليه: اقرأ كتابي هذا و اعمل به فقوله هذا أمر بقراءة الكتاب و هو من الكتاب.
و هذا السياق يؤيد أولا ما ورد أن الآيات أول ما نزل من القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
و ثانيا أن التقدير اقرأ القرآن أو ما في معناه، و ليس المراد مطلق القراءة باستعمال «اقرأ» استعمال الفعل اللازم بالإعراض عن المفعول، و لا المراد القراءة على الناس بحذف المتعلق و إن كان ذلك من أغراض النزول كما قال: «و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث و نزلناه تنزيلا»: إسراء: 106، و لا أن قوله: «باسم ربك» مفعول «اقرأ» و الباء زائدة و التقدير اقرأ اسم ربك أي بسمل.
و قوله: «باسم ربك» متعلق بمقدر نحو مفتتحا و مبتدئا أو باقرأ و الباء للملابسة و لا ينافي ذلك كون البسملة المبتدأة بها السورة جزء من السورة فهي من كلام الله افتتح سبحانه بها و أمر أن يقرأ مبتدئا بها كما أمر أن يقرأ قوله: «اقرأ باسم» إلخ ففيه تعليم بالعمل نظير الأمر بالاستثناء في قوله: «و لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله»: الكهف: 24 فافهم ذلك.
و في: قوله «ربك الذي خلق» إشارة إلى قصر الربوبية في الله عز اسمه و هو توحيد الربوبية المقتضية لقصر العبادة فيه فإن المشركين كانوا يقولون: إن الله سبحانه ليس له إلا الخلق و الإيجاد و أما الربوبية و هي الملك و التدبير فلمقربي خلقه من الملائكة و الجن و الإنس فدفعه الله بقوله: «ربك الذي خلق» الناص على أن الربوبية و الخلق له وحده.
و قوله: «خلق الإنسان من علق» المراد جنس الإنسان المتناسل و العلق الدم المنجمد لأنه يشبه العلقة التى تمص الدم فى لونها و شكلها أو لأنه معلق فى الرحم و المراد به ما يستحيل إليه النطفة في الرحم.
ففي الآية إشارة إلى التدبير الإلهي الوارد على الإنسان من حين كان علقة إلى حين يصير إنسانا تاما كاملا له من أعاجيب الصفات و الأفعال ما تتحير فيه العقول فلم يتم الإنسان إنسانا و لم يكمل إلا بتدبير متعاقب منه تعالى و هو بعينه خلق بعد خلق فهو تعالى رب مدبر لأمر الإنسان بعين أنه خالق له فليس للإنسان إلا أن يتخذه وحده ربا ففي الكلام احتجاج على توحيد الربوبية.
قوله تعالى: «اقرأ و ربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم» أمر بالقراءة ثانيا تأكيدا للأمر الأول على ما هو ظاهر سياق الإطلاق.
و قيل: المراد به الأمر بالقراءة على الناس و هو التبليغ بخلاف الأمر الأول فالمراد به الأمر بالقراءة لنفسه، كما قيل: إن المراد بالأمرين جميعا الأمر بالقراءة على الناس، و الوجهان غير ظاهرين.
و قوله: «و ربك الأكرم» أي الذي يفوق عطاؤه عطاء ما سواه فهو تعالى يعطي لا عن استحقاق و ما من نعمة إلا و ينتهي إيتاؤها إليه تعالى.
و قوله: «الذي علم بالقلم» الباء للسببية أي علم القراءة أو الكتابة و القراءة بواسطة القلم و الجملة حالية أو استئنافية، و الكلام مسوق لتقوية نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و إزالة القلق و الاضطراب عنها حيث أمر بالقراءة و هو أمي لا يكتب و لا يقرأ كأنه قيل: اقرأ كتاب ربك الذي يوحيه إليك و لا تخف و الحال أن ربك الأكرم الذي علم الإنسان القراءة بواسطة القلم الذي يخط به فهو قادر على أن يعلمك قراءة كتابه و أنت أمي و قد أمرك بالقراءة و لو لم يقدرك عليها لم يأمرك بها.
ثم عمم سبحانه النعمة فذكر تعليمه للإنسان ما لم يعلم فقال: «علم الإنسان ما لم يعلم» و فيه مزيد تقوية لقلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و تطييب لنفسه.
و المراد بالإنسان الجنس كما هو ظاهر السياق و قيل: المراد به آدم (عليه السلام)، و قيل: إدريس (عليه السلام) لأنه أول من خط بالقلم، و قيل: كل نبي كان يكتب و هي وجوه ضعيفة بعيدة عن الفهم.
قوله تعالى: «كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى» ردع عما يستفاد من الآيات السابقة أنه تعالى أنعم على الإنسان بعظائم نعم مثل التعليم بالقلم و سائر ما علم و التعليم من طريق الوحي فعلى الإنسان أن يشكره على ذلك لكنه يكفر بنعمته تعالى و يطغى.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لدى مدونة مستر ابوعلى| إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

تصميم : مستر ابوعلى