نسبة لما ورد فى الآية الأولى من السورة : " و الصافات صفا "
سميت سورة الصافات , تذكيرا للعباد بالملأ الأعلى من الملائكة الأطهار , الذين لا ينفكون عن عبادة الله (( يسبحون الليل والنهار لا يفترون )) وبيان وظائفهم التي كلفوا بها . و هى تبدأ بقسم الله تعالى بالملائكة الصافات .
قوله تعالى: «و الصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا» الصافات - على ما قيل - جمع صافة و هي جمع صاف، و المراد بها على أي حال الجماعة التي تصطف أفرادها و الزاجرات من الزجر و هو الصرف عن الشيء بالتخويف بذم أو عقاب و التاليات من التلاوة بمعنى القراءة.
و قد أقسم الله تعالى بهذه الطوائف الثلاث: الصافات و الزاجرات و التاليات و قد اختلفت كلماتهم في المراد بها: فأما الصافات فقيل: إن المراد بها الملائكة تصف أنفسها في السماء صفوفا كصفوف المؤمنين في الصلاة، و قيل: إنها الملائكة تصف أجنحتها في الهواء إذا أرادت النزول إلى الأرض واقفة في انتظار أمر الله تعالى، و قيل: إنها الجماعة من المؤمنين يقومون في الصلاة أو في الجهاد مصطفين.و أما الزاجرات فقيل: إنها الملائكة تزجر العباد عن المعاصي فيوصله الله إلى قلوب الناس في صورة الخطرات كما يوصل وساوس الشياطين، و قيل: إنها الملائكة الموكلة بالسحاب تزجرها و تسوقها إلى حيث أراد الله سبحانه، و قيل: هي زواجر القرآن و هي آياته الناهية عن القبائح، و قيل: هم المؤمنون يرفعون أصواتهم بالقرآن عند قراءته فيزجرون الناس عن المنهيات.
و أما التاليات فقيل: هم الملائكة يتلون الوحي على النبي الموحى إليه، و قيل: هي الملائكة تتلو الكتاب الذي كتبه الله و فيها ذكر الحوادث، و قيل: جماعة قراء القرآن يتلونه في الصلاة.
و يحتمل - و الله العالم - أن يكون المراد بالطوائف الثلاث المذكورة في الآيات طوائف الملائكة النازلين بالوحي المأمورين بتأمين الطريق و دفع الشياطين عن المداخلة فيه و إيصاله إلى النبي مطلقا أو خصوص محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يستفاد من قوله تعالى: «عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه و من خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم و أحاط بما لديهم:» الجن: - 28.
و عليه فالمعنى أقسم بالملائكة الذين يصفون في طريق الوحي صفا فبالذين يزجرون الشياطين و يمنعونهم عن المداخلة في الوحي فبالذين يتلون على النبي الذكر و هو مطلق الوحي أو خصوص القرآن كما يؤيده التعبير عنه بتلاوة الذكر.
و يؤيد ما ذكرنا وقوع حديث رمي الشياطين بالشهب بعد هذه الآيات، و كذا قوله بعد: «فاستفتهم أ هم أشد خلقا أم من خلقنا» الآية كما سنشير إليه.
و لا ضير في التعبير عن الملائكة بلفظ الإناث: الصافات و الزاجرات و التاليات لأن موصوفها الجماعة، و التأنيث لفظي.
و هذه أول سورة في القرآن صدرت بالقسم و قد أقسم الله سبحانه في كلامه بكثير من خلقه كالسماء و الأرض و الشمس و القمر و النجم و الليل و النهار و الملائكة و الناس و البلاد و الأثمار، و ليس ذلك إلا لما فيها من الشرف باستناد خلقها إليه تعالى و هو قيومها المنبع لكل شرف و بهاء.
قوله تعالى: «إن إلهكم لواحد» الخطاب لعامة الناس و هو مقسم به، و هو كلام مسوق بدليل كما سيأتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق