آيات القرآن التي أسندت الحكم و السلطة للأمة الإسلامية في دارالإسلام.


الجزء الاول
الموضوع :
آيات القرآن التي أسندت الحكم و السلطة للأمة الإسلامية في دارالإسلام.

المقدمة:
خلق الله تعالى الكون و ما فيه و منه الإنسان الذي استخلفه في أرض الدنيا لعبادته ولإعمارها و لاجتياز مرحلة ابتلاء و امتحان نتيجته جزاء الآخرة بالجنة أو جهنم حسب عمل كل إنسان قبل الموت. و أنزل الله تعالى شرائعه للناس لتنظيم مرحلة استخلافهم في الدنيا. و القرآن آخر هذه الشرائع و ناسخها كلها. و أنزله الله عز و جل منذ أكثر من أربعة عشر قرنا لكافة الناس في العالم لكي يطبقوه و يلتزموا به. و القرآن نظام تشريعي شامل لكل جوانب الحياة البشرية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الدينية.
و بما أن الكثير من الباحثين ينكرون هذه الحقيقة و يهمشون الإسلام عمدا أو بسبب عدم فهمهم القرآن أو رغبة في إبعاد المسلمين من الشؤون السياسية، و فعلا أبعدوا عن ممارسة الحكم و السلطة و إدارة الشأن العام لعوامل داخلية منها عدم فهم القرآن فهما صحيحا و أخرى خارجية منها سيطرة الكفار و الاستعمار على بلاد الإسلام و تعاونهم مع عملائهم من المسلمين بدار الإسلام، و بما أن تكوين الأمة الإسلامية في دار الإسلام التي تشتمل على كل البلدان الإسلامية و ممارستها لحقها المشروع الذي فوضه الله تعالى إليها و هو أنها مختصة بالحكم و السلطة و السيادة في دار الإسلام هو الشرط الأساسي لتطبيق القرآن و تقدم و ازدهار المجتمع الإسلامي، لكل هذه الأسباب التي ذكرتها اخترت البحث في هذا الموضوع المذكور أعلاه. و إشكاليته الأساسية التي سوف أعطي الأدلة القاطعة و البراهين الواضحة على تحليلها و تأكيدها هي أن الحكم و السلطة في دار الإسلام للأمة الإسلامية المكونة من كافة المؤمنين بدار الإسلام و ذلك بإسناد صريح في آيات القرآن. لهذا قمت باستنباط الأحكام الشرعية المؤكدة للأدلة من آيات القرآن بعد مقارنتها ببعضها في القرآن كله، فتأكد لي بحول الله تعالى و قوته تصميم البحث كما يلي:

-I الأمة الإسلامية تتكون من المؤمنين الصالحين فقط.
أ -  لا تجوز ولاية الكفار و المنافقين على المسلمين.
ب-  الأحكام الشرعية التي تحرم إقامة الكفار و المنافقين في دار الإسلام.
1) المجموعة الأولى.
2) المجموعة الثانية.

-II الحكم و السلطة للأمة الإسلامية طبقا للأحكام الدستورية الإسلامية.
أ - المجموعة الأولى.
ب- المجموعة الثانية.

-III آيات القرآن التي فرضت على الأمة الإسلامية تولية و عزل الحكام و أولي الأمر.
أ - وضعية الرسل لا تنطبق على الحكام و أولي الأمر.
ب- ما يسمى الخلافة الإسلامية ليس لها أساس في القرآن.
ج- تولية الحكام و أولي الأمر واجب مفروض على الأمة الإسلامية و المؤمنين.
د - عزل الحكام و أولي الأمر الظالمين واجب مفروض على الأمة الإسلامية و المؤمنين.

-I الأمة الإسلامية تتكون من المؤمنين الصالحين فقط :

الأمة الإسلامية تتكون من جميع المؤمنين الصالحين المتقين الذين صدقوا فعلا في إيمانهم و أخلصوا دينهم لله عز و جل. فالمؤمن من آمن بالله و رسله و كتبه و ملائكته و البعث بعد الموت للحساب و الجزاء عن أعمال الدنيا في الآخرة. و لكن من شروط الإيمان أن يؤمن الإنسان بالقرآن و يعمل به قولا و عملا سرا و علانية. و الدليل عدة آيات منها محمد 2 « و الذين آمنوا و عملوا الصالحات و آمنوا بما نزل على محمد و هو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم و أصلح بالهم ».
الله تعالى هو الذي حدد مفهوم مصطلح الأمة الإسلامية في آيات القرآن منها آل عمران 110 « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ». و البقرة 143 « و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا » و آل عمران 104 « و لتكن منكم أمة يدعون الى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون ». فالخطاب في هذه الآيات وجهه الله تعالى إلى المؤمنين و المؤمنات كافة بدار الإسلام التي يتكون إقليمها الجغرافي من كل البلدان الإسلامية.
فالأمة الإسلامية تتكون من جميع المؤمنين ذكورا و إناثا لأنهم متساوون في أحكام القرآن باستثناء تلك التي تهم النساء وحدهن أو تهم الرجال وحدهم. فمثلا المائدة 6 « يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق و امسحوا برؤوسكم و أرجلكم إلى الكعبين... » فلا يختلف اثنان أبدا و لا ينكر أحد الحكم الشرعي الذي تتضمنه هذه الآية الذي يفرض على المؤمن و المؤمنة الوضوء او التيمم قبل الصلاة إذا تعذر الحصول على الماء. و النساء 124« و من يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة و لا يظلمون نقيرا ». فالحكم الشرعي في الآية أن من يؤمن و يعمل صالحا أي يلتزم بأحكام القرآن حتى الموت جزاؤه الجنة سواء كان ذكرا أم أنثى. و لكن في الآية الأولى خاطب الله المؤمنين سواء ذكورا أم إناثا. وفي الآية الثانية قال الله تعالى « وهو مؤمن ». و المقصود أيضا المؤمنات. لهذا فالأمة الإسلامية في هذا البحث تتكون من جميع المؤمنين و المؤمنات بدار الإسلام . وهم رعايا الدولة الإسلامية و هذا الدليل تؤيده غافر 40 « من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب » و آل عمران 195 « فاستجاب لهم ربهم أني لاأضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى » و في ما يلي أبين الأدلة الشرعية المؤكدة بأن الأمة الإسلامية لا تتكون شرعا إلا من المؤمنين و المؤمنات الصالحين و الصادقين. و تنقسم إلى مجموعتين:
     أ- لا تجوز ولاية الكفار و المنافقين على المسلمين.
   ب- الأحكام الشرعية التي تحرم إقامة الكفار والمنافقين في دار الإسلام.

أ- لا تجوز ولاية الكفار و المنافقين على المسلمين:
الولاية هي السلطة و الحكم و أولوا الأمر هم أصحاب السلطة و الولاية في دار الإسلام إذا اختارتهم و انتخبتهم الأمة الإسلامية أو مجلسها الذي يمثلها. و الكافر هو الذي كفر بالله و بالرسول عليه الصلاة و السلام و القرآن سواء كان مشركا أو ملحدا أو من أهل الكتاب الذين رفضوا الإيمان بالقرآن و العمل به. و المنافق هو الذي يتظاهر بالإيمان و يخفي الكفر و يعمل بما يخالف القرآن ويصد عن سبيل الله تعالى لقوله في التوبة 67 « المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر و ينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون » لهذا أمر الله عز وجل بما يلي في التحريم 9 « يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم  ومأواهم جهنم وبئس المصير ». فالمنافق في الواقع كافر و حكمه مثل حكم الكفار جميعا. لهذا لا تجوز ولايته مثل الكافر على المسلمين بدار الإسلام. و الدليل : النساء 140« إن الله جامع المنافقين و الكافرين في جهنم جميعا » و النساء 145-146 « إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا و أصلحوا و اعتصموا بالله و أخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين ». والأنفال 73 « و الذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض و فساد كبير ». الله تعالى حرم إقامة الكفار و ممارستهم الحكم و السلطة بدار الإسلام لأنهم أعداء الله تبارك و تعالى و أعداء الإسلام و المسلمين، و يتشبتون بنظامهم الاجتماعي و الاقتصادي المخالف للقران. و يسعون دائما لتكفير المسلمين و نهب ثرواتهم الاقتصادية. و من الأدلة آل عمران 149-150 « يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم وهو خير الناصرين ». و آل عمران 100 « يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ». و المائدة 51 « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض و من يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين». فتدبروا أيها المؤمنون عبارة "و من يتولهم منكم فإنه منهم" الواردة في المائدة 51. فمن رضي و قبل حكم وولاية غير المؤمنين بدار الإسلام فانه كافر مثلهم. لهذا جعل الله تعالى من شروط ممارسة الحكم و السلطة و الولاية في دار الإسلام شرط ايمان الحاكم و إسلامه و عمله الصالح و التقوى لقوله تعالى في آيات كثيرة منها المائدة 55 « انما وليكم الله و رسوله و الذين امنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ». و المائدة 57 « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزؤا و لعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و الكفار أولياء و اتقوا الله إن كنتم مؤمنين » فلا إيمان لمن رضي بحكم وولاية الكفار في دار الإسلام لقوله تعالى في المائدة 81 « ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون » و هذا ما أكدته أيضا التوبة 23 « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم و إخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان و من يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ». والظالم مثل الكافر والمنافق جزاؤه عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة.
و أكدته أيضا المجادلة 22 « لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا آباءهم أو أبناهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان و أيدهم بروح منه و يذخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم و رضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ». فالكفار و المنافقون يحادون الله تعالى لأنهم أعداء دين الله الحق الإسلام. و هناك أيضا هود 113 « و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ». بمعنى لا تقبلوا حكم الظالمين و لا تطيعوهم و لا تتعاونوا معهم و لا تتبعوهم. و من فعل ذلك و رضي بحكم الظالمين و أيدهم فهو أيضا ظالم لأنه يتعرض لنفس العقاب المخصص لهم.
و من الآيات التي حرمت ولاية الكفار والمنافقين على المسلمين بدار الإسلام البقرة 105 « ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم و الله يختص برحمته من يشاء و الله ذو الفضل العظيم ». و النساء 89 « ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء  حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم و لا تتخذوا منهم وليا و لا نصيرا ». إن الله تبارك و تعالى لم يحرم فقط ولاية الكفار و المنافقين على المسلمن بل أمر بطردهم من دار الإسلام لوقاية المجتمع الإسلامي من جراثيم الكفر التي تلتهم عقول و قلوب المسلمين و لا سيما الأطفال و الشباب الذين لم يكتمل لديهم تكون العقل القرآني. و إذا تدبرنا الشورى 38 « و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم » فإننا نتأكد بصدق أن شؤون و أمور المؤمنين المكونين للأمة الإسلامية يتخذون بخصوصها القرارات و القوانين المطابقة للقرآن و التي يتفقون عليها مباشرة أو بواسطة مجلس الأمة الإسلامية الذي ينتخبه المؤمنون للنيابة عنهم في ممارسة الولاية و الحكم تحت مراقبتهم. فالشورى 38 المذكورة تتضمن حكما دستوريا هاما يحرم إقامة الكفار و المنافقين في دار الإسلام و يحرم عليهم أيضا ممارسة الولاية و الحكم فيها. لأن الله تبارك و تعالى جعل من شروط الإقامة في دار الإسلام و المشاركة في الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعة فيها الإيمان الصادق و العمل الصالح و الاستجابة لله تعالى و إقامة الصلاة أي الالتزام الصادق بالقرآن قولا و عملا سرا و علانية. لهذا فكل من يستكبر عن عبادة الله تعالى و يستهزئ بالقرآن و يعرض عنه لا تجوز له الإقامة في دار الإسلام و لا يكون عضوا في الأمة الإسلامية.
و هناك دليل مهم يؤكد ما سبق مستنبط من آل عمران 110 « كنتم خير أمة أخرجت للناس تامرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ». و البقرة 143« و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ». الله تعالى خاطب المؤمنين و المؤمنات و اكد انهم وحدهم أمة الإسلام دون غيرهم. والآيات القرآنية التي امر فيها الله تعالى المؤمنين بأن يتوحدوا سياسيا و اقتصاديا و دينيا لتطبيق القرآن و تبليغه للناس كافة تعتبر هي أيضا من الأحكام التي حرمت إقامة الكفار و المنافقين بدار الإسلام  و التي حرمت سلطتهم و ولايتهم فيها. و منها ما يلي : آل عمران 103« و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا »  فنعمة الله تعالى التي جعلت المؤمنين إخوة هي حبل الله أي القرآن .
و إذا التزم المؤمنون بحدود القرآن و أحكامه و قوانينه بصدق و إخلاص تتحقق حتما وحدتهم و أخوتهم الدينية و تضامنهم و تعاونهم و تقدمهم. و ينصرهم الله تعالى لقوله في سورة الروم 47 « و كان حقا علينا نصر المؤمنين ». والحج 40 « ولينصرن الله من ينصره ». و من الآيات التي أمرت بوحدة المسلمين دون غيرهم آل عمران 101 « و من يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم » و الأنفال 1 « فاتقوا الله و أصلحوا ذات بينكم و أطيعوا الله و رسوله إن كنتم مؤمنين ». فمن شروط الإيمان حل النزاعات بين المسلمين و إقامة علاقات السلم و الصلح و الأخوة بينهم. و تؤكد ذلك سورة الحجرات 10 « إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم » فكل من يسعى إلى بث النزاعات و الخصام و الصراع بين المسلمين لا إيمان له بحكم القرآن و ينال عذاب الله تعالى. بل أمر الله تعالى بمقاتلة الطوائف التي تظلم في دار الإسلام و تعتدي و تخالف القرآن حتى تتوب توبة نصوحا صادقة و تعود إلى الالتزام بشرع الله تعالى. و الدليل الحجرات 9 « فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله ». حرم الله عز وجل تفرقة المسلمين الى أحزاب و فرق متصارعة و متنازعة. و من الأدلة آل عمران 105 « ولا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم » و الروم 31-32 « ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون » والأنعام 153 « و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ». الأنعام 159 « إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون » والتوبة 11 « فإن  تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ». فكل المؤمنين والمؤمنات الصالحين المتقين إخوة في الدين الإسلامي.
فتدبروا أيها الناس هذه الآيات. إنها تفرض وحدة المسلمين سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و دينيا و تفرض علاقات السلم و الأخوة  والتعاون والتضامن بينهم لقوله تعالى في سورة البقرة 208 « يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين » والمائدة 2 « وتعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب ». فإذا اختلفتم أيها المسلمون و تفرقتم و انقسمتم إلى فرق و أحزاب و مذاهب لتحقيق مصالح سياسية و اقتصادية و عرقية فإنكم معرضون لعذاب الله عز وجل في الدنيا و الآخرة و قد أمركم الله تعالى بالاحتكام إلى القرآن و السنة الصحيحة التي لا تخالفه في حالة اختلافكم و تنازعكم حول مسألة شرعية معينة لقوله تعالى في النساء 59 « فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر » و اذا تفرقتم تضعف قوتكم و تنهار و ينقض عليكم أعداء الله و أعداؤكم لتكفيركم و استعبادكم و نهب ثرواتكم و خيراتكم. و في ذلك بلاء من الله تعالى لإعراضكم عن القرآن. فلا تختلفوا حول فهم القرآن أيها الناس لأن إرادة الله تعالى و حكمته واحدة جسدها قرآنه. و لا يغيرها إلا هو سبحانه و تعالى لهذا على المسلمين و خاصة الدعاة و العلماء المختصين في علوم القرآن و الدراسات الإسلامية أن يتوحدوا بدون تعصب و أن يبحثوا عن المعنى و المدلول الحقيقي للنص القرآني الذي لا يتغير في كل زمان ومكان و أن يرفضوا كل حديث منسوب للسنة النبوية إذا كان مخالفا لنص في القرآن. لأن أعداء الإسلام استغلوا باب السنة فوضعوا أحاديث مزورة لتحريف القرآن و زعزعة عقيدة المسلمين. فلا فائدة من الصراع بين السنة و الشيعة و الفرق الأخرى و لا بين أنصار أهل البيت و أنصار الصحابة فكل من مات يحاسبه الله تعالى عن أعماله و يجازيه عنها بالجنة أو جهنم حسب موقفه في الدنيا من القرآن لقوله تعالى في الطور 21 « كل امرئ بما كسب رهين » وفصلت 40 « اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير » و الأعراف 6 « فلنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين » و نحن لسنا مسؤولين إلا عن أعمالنا لقوله تعالى في عدة آيات منها الأنعام 52 « ما عليك من حسابهم من شيئ وما من حسابك عليهم من شيئ ». والقرآن أمرنا بعبادة الله تعالى وحده دون سواه. و من الأدلة الذاريات 56 « و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ». و يوسف 40 « إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ». و آل عمران 80 « و لا يأمركم أن تتخدوا الملائكة و النبيين أربابا. أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ».
فاعبدوا الله وحده و لا تشركوا به أحدا سواء الرسول و أهل البيت أو الصحابة أو أضرحتهم.
و فهم القرآن و تفسيره لم يجعله الله تعالى مقصورا و خاصا بالرسول وأهل البيت أو الصحابة كما يدعي البعض. بل امر الله تعالى كل الناس و باستمرار في كل زمان و مكان بتدبر القرآن و فهمه و تطبيقه. و الدليل محمد 24 « أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها » و النحل 43 « فاسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون » و أهل الذكر هم علماء الإسلام المتقون المختصون في علوم القرآن و الدراسات الإسلامية منذ عهد الرسول عليه صلاة الله و سلامه حتى عهدنا و إلى ما شاء الله تعالى. و التوبة 122 « و ما كان المؤمنون لينفروا كافة. فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ». فهذه الآيات أمرت الناس بفهم القرآن و الدعوة الى الله تعالى في كل زمان ومكان. لهذا فالتفقه في الدين حق لكل من توفرت فيه الأهلية من المسلمين كافة. و الله تعالى لا يجامل أحدا عند محاسبته يوم القيامة. و لا يشفع للمبعوث إلا عمله. و لا ينفع النسب و المال و الأولاد عند الحساب أبدا. ومن الأدلة لقمان33 « يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ». و الزخرف 73 « و تلك الجنة التي أورثتموها  بما كنتم تعملون » و البقرة 48 « واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون ». و فصلت 46 « من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ».
إن أحب الناس الى الله تعالى سواء من أهل البيت أو من الصحابة أو غيرهم هم الأكثر تقوى. و الدليل الحجرات 13 « إن أكرمكم عند الله اتقاكم » و التقوى كما حدد القرآن مضمونها هي طاعة الله تعالى و عبادته و الالتزام بحدوده أي العمل بأحكام القرآن سرا وعلانية. فتوحدوا أيها المسلمون كما أمركم الله تعالى و تعاونوا على فهم القرآن و تفسيره و تبليغه للناس و اعتصموا بالله عز و جل. و أعدوا القوة التي أمركم بها الله تعالى في الأنفال 60 لرفع راية الإسلام و الدفاع عن دين الله الحق الإسلام. و النتيجة المؤكدة بهذه الآيات أنها فرضت الوحدة بين المؤمنين فقط وحرمت إقامة الكفار والمنافقين بدار الإسلام.
و هذه الحقيقة يؤيدها كذلك حكم شرعي مستنبط من الآيات التي حرمت العلاقة الزوجية بين المسلمين و الكفار. فلا يجوز للمسلم الزواج بالكافرة و لا يجوز للمسلمة الزواج بكافر و من الأدلة البقرة 221 « ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَ ولأمة مؤمنة خير من مشركة و لو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون الى النار و الله يدعو إلى الجنة و المغفرة بإذنه و يبين آياته للناس لعلهم يتذكرون » والتحريم 9 « يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين و اغلظ  عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ». الحكم الشرعي في هذه الآية أمر المسلمين بالجهاد ضد الكفار والمنافقين وطردهم من دار الإسلام لهذا فإنه حرم قيام علاقة زوجية بين مسلم وكافرة وبين كافر و مسلمة. و يؤيد ذلك ما جاء في النور 26 « الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات و الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ».وطبعا المسلمون والمسلمات هم الطيبون. و الممتحنة 10 « يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهم فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن الى الكفار لا هن حل لهم و لا هم يحلون لهن و آتوهم ما أنفقوا و لا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن و لا تمسكوا بعصم الكوافر و اسألوا ما أنفقتم و ليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم و الله عليم حكيم ». و النساء 25 « و من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات و الله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن و آتوهن أجورهن بالمعروف ». هذه الآيات جعلت الإيمان و الإسلام شرطا أساسيا و لازما لكل علاقة زوجية في دار الإسلام. فلا يكون الزواج شرعيا إلا بين مسلم و مسلمة. ولا يكون الإنسان مسلما إلا إذا آمن بالقرآن و عمل به لقوله تعالى في محمد2 « و الذين آمنوا و عملوا الصالحات و آمنوا بما نزل على محمد و هو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم و أصلح بالهم » وهناك حكم شرعي في الأحزاب 59 « يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين » و يفرض و يشترط الإسلام في زوجات المؤمنين و هناك حكم شرعي أساسي يحرم زواج المسلم بغير مسلمة مستنبط من التحريم 6 « يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا ». هذا الحكم فرض على الزوج المسلم إرغام زوجته و أطفاله القاصرين على طاعة الله و التقوى أي الالتزام بالقرآن قولا و عملا، سرا و علانية. و قد فرض الله تعالى على الزوجة طاعة زوجها المسلم في إطار حدود الله تعالى. و الدليل النساء 34 «فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ». و الممتحنة 12 « ولايعصينك في معروف »  لهذا لا يجوز للمسلم الزواج بالكافرة. و إذا رفضت الزوجة طاعة زوجها المسلم في إطار حدود الله تعالى وامتنعت عن أداء الصلاة والتقوى فيجب عليه شرعا إرغامها عليهما و إذا رفضت ولم تتب يطلقها وجوبا.
و أذكر بأن هذه الآيات و منها النساء 25 و النور 32 – 33 ألغت ممارسة الجماع بما ملكت الأيمان و ألغت كذلك الزواج بالكتابيات الذي كان مسموحا به في بداية الإسلام لأسباب و ظروف خاصة. لهذا يفسخ عقد الزواج شرعا إذا كفر أحد الزوجين و لم يتب توبة صادقة مجسدة فعلا بالتقوى. حرم الله تعالى زواج المسلم بالكافرة و حرم زواج المسلمة بالكافر لأن الكفار يستكبرون عن عبادة الله تعالى و نظامهم السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الديني مبني على الإلحاد و الكفر و الشهوة الغير المشروعة و الهوى و عبادة المال و الحكام و الشياطين و الأوثان. لهذا لا يجوز شرعا أن يقيم في دار الإسلام من لا يؤمن و لا يعمل بالقرآن.
و أشير إلى أن قول الله عز وجل في سورة المائدة 5 « و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ». لا يعني إن ما يأكله و يشربه النصارى و اليهود حلال و جائز للمسلمين. لأن هناك قيودا واردة في آيات أخرى على هذا الحكم. و منها المائدة 3 « حرمت عليكم الميتة و الدم ولحم الخنزير و ما أهل لغير الله به و المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطيحة و ما أكل السبع إلا ما ذكيتم و ما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام  ذلكم فسق ». وقد حرم الله تعالى أكل ما لم يذكر اسم الله عليه و الدليل الأنعام 121 « و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه و إنه لفسق ».  و قد حرم الله تعالى على المسلمين أكل الخبائث التي يأكلها أهل الكتاب. و الدليل المائدة 4 « يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ». و من الآيات التي وضعت قيودا على الرخصة المتعلقة بجواز الأكل من طعام أهل الكتاب المائدة 90 « يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ». و أهل الكتاب يشربون الخمر و يصنعون منه بعض طعامهم و من لحم الخنزير ومن طعام أهل الكتاب ما يصنعونه بعائدات الميسر و الأنصاب والأزلام و التجارة في المحرمات كالمخدرات و الدعارة. لهذا لا يجوز شرعا للكفار من أهل الكتاب الإقامة في دار الإسلام و ليسوا من الأمة الإسلامية.
لقد أكدت بالأدلة الشرعية من آيات القرآن المجيد أن الأمة الإسلامية بأمر من الله تعالى وحدة بشرية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية و دينية خاصة، تتركب من المسلمين فقط أي المؤمنين الصالحين دون غيرهم من الكفار و المنافقين.

ب- الأحكام الشرعية التي تحرم إقامة الكفار و المنافقين في دار الإسلام:  
الكفار و المنافقون ليسوا من أعضاء الأمة الإسلامية و لا تجوز و لا يتهم على المسلمين و لا تجوز إقامتهم في دار الإسلام لأن النظام العام الإسلامي له مبادئ و قواعد عامة مستمدة من كتاب الله عز و جل الحكيم و هو القرآن. و لا يجوز أن تطبق قوانين الكفار و مؤسساتهم و أديانهم و شعائرهم كالكنائس و غيرها في أرض الإسلام نهائيا. لا يجوز أن يكون في دار الإسلام إلا دين الله الحق الإسلام و لا تطبق فيها إلا أحكام القرآن. و الآيات القرآنية التي تحرم إقامة غير المسلمين بدار الإسلام اصنفها الى مجموعتين:
1) المجموعة الأولى: تؤكد ان من لم يؤمن بالقرآن و من لا يعمل بأحكامه حقا و صدقا و لا يدين بدين الله الحق الإسلام لا يجوز شرعا أن يقيم في دار الإسلام و لا أن يمارس الولاية و السلطة و الحكم فيها. و منها يس 60 « ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين و أن اعبدوني هذا صراط مستقيم ». و البقرة 21 « يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم و الذين من قبلكم لعلكم تتقون ». فلا يعبد بحق في دار الإسلام إلا الله تعالى. و الذين يعبدون غيره كالمسيحيين و الرهبان و الباباوات الذين يعبدون المسيح و اليهود الذين يعبدون عزير و الأوثان لا حق لهم في الإقامة في دار الإسلام. لا يقام في دار الإسلام إلا دين الله الحق الإسلام. لقوله عز و جل في عدة آيات منها آل عمران 19 « إن الدين عند الله الإسلام ». و آل عمران 85 « و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ». و آل عمران 83 « أفغير دين الله يبغون و له أسلم من في السموات و الأرض طوعا و كرها و إليه يرجعون ». و المائدة 3 « اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم و اخشون اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا ».  فالدين السماوي الوحيد الذي شرعه الله تعالى لكل بني آدم بما فيهم اليهود و النصارى هو الإسلام لله و عبادته وحده. و اليهودية و المسيحية و البوذية و الهندوسية و غيرها أديان وضعية ابتدعها الكفار و ليست سماوية لأن الله تعالى لم يقبلها و لم يأذن بها. و القرآن هو الشريعة السماوية الوحيدة الملزمة لكافة الناس في العالم و منهم اليهود و النصارى لأنه نسخ بأمر الله و قضائه وقدره التوراة و الإنجيل و ألغى صلاحية و مفعول كل منهما و كل الشرائع السماوية السابقة. و أحيلكم على بحث نشرته في موقعي المذكور بالأنترنيت حول موضوع: "أدلة بطلان صلاحية التوراة و الإنجيل بالقرآن و أحكام الكفر و الإيمان".  و أذكركم ببعض الأحكام الشرعية المؤكدة بأن اليهود و النصارى و كل الناس في العالم ملزمون بدين الله الحق الإسلام و بشريعته الوحيدة القرآن الذي نسخ كل الشرائع السابقة و منها ما يلي : يونس 104 « قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله و لكن أعبد الله الذي يتوفاكم و أمرت أن أكون من المؤمنين » و الصف 9 « هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون » و الفتح 28 « هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله ». و التوبة 33 « هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله ».
فدين الله تعالى الحق الذي شرعه و أمر به هو الإسلام دون سواه من أديان الكفار التي وضعوها و أسسوها كالمسيحية و اليهودية و غيرها لأغراض سياسية و اقتصادية و لمنع الناس من اعتناق دين الله تعالى الحق الإسلام. و من الآيات المؤكدة لهذه الحقيقة الشرعية المائدة 15 « يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب و يعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور و كتاب مبين ». و النساء 174 « يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ». و النور و الكتاب الذي أنزله الله تعالى لأهل الكتاب و كافة الناس بالعالم هو القرآن. فالرسول محمد بن عبد الله عليه و على كل الرسل صلاة الله و سلامه أرسله الله تعالى لليهود و النصارى مثل سائر الناس كالعرب و غيرهم. و الدليل المائدة 19 « يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير و لا نذير. فقد جاءكم بشير و نذير و الله على كل شيء قدير ». و الأعراف 157 « الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به و عزروه و نصروه و اتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ». و النورالذي أنزله الله تعالى على رسوله محمد و الذي يجب أن يتبعه النصارى و اليهود هو القرآن. و هناك أيضا الأعراف 158 « قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ». و سبأ 28 « و ما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا و لكن أكثر الناس لا يعلمون ».
هذه الأحكام الشرعية في آيات القرآن اكدت بحق و بوضوح ان من لا يدين بدين الله الحق الإسلام و لا يعمل بأحكام القرآن لا يجوز له شرعا ان يقيم في دار الإسلام.ولا يجوز شرعا بان يكون من الأمة الإسلامية و لا ان يمارس الولاية  و الحكم و السلطة فيها. ورغم هذه الآيات القرآنية الصادقة من الصادق و الحق الله تعالى صاحب النعم و الفضل و الاحسان على كل ما اوجد و خلق و منه كل انسان، فان هناك من المنافقين و عملاء الكفار من يدافع عن الاديان الوضعية التي حرمها الله تعالى صراحة كالمسيحية و اليهودية و يطالب المسلمين بما يسمونه التسامح بين الاديان. و هذه حيلة يراد منها مخالفة القرآن و فرض اختلاط الكفار بالمسلمين بدار الإسلام لتكفيرهم والتجسس عليهم واستعمارهم واستغلال ثرواتهم وخيراتهم. فاحذروا ايها المسلمون الصادقون هذه الحملات التي يقودها عملاء الكفارمن بين المسلمين انفسهم. فلا يجوز ان يقيم في دار الإسلام الا المسلمون الصادقون ولايجوز شرعا قيام أي دين إلا الإسلام و لا تتكون الأمة الإسلامية الا من المسلمين الصادقين و لا يمارس الولاية و الحكم في دار الإسلام إلا المؤمنون الصالحون.
2) المجموعة الثانية :
من هذه الآيات تلك التي امرت الرسول صلى الله عليه و سلم بتطبيق القرآن على كل من في دار الإسلام و منهم اهل الكتاب بحيث اذا رفضوا الإيمان بالقرآن و لم يلتزموا بأحكامه قولا و عملا سرا و علانية يطردون منها و لا يكونون من الأمة الإسلامية . و الدليل المائدة 49 « و أن احكم بينهم بما أنزل الله و لا تتبع أهواءهم و احذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ». و ما أنزل الله الى محمد رسوله هو القرآن. و المائدة 48 « و أنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب و مهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ». فالقرآن هو الكتاب المنزل من الله تعالى و الذي بقضائه و قدره حل محل الكتب السماوية السابقة كالتوراة و الإنجيل في الإلزام و الصلاحية بعد أن أبقى على بعض الأحكام المشتركة فيها و في الشرائع السابقة. لهذا لا يجوز شرعا للنصارى و اليهود و كل الكفار و المنافقين ان يقيموا  في دار الإسلام و لا ان يكونوا من الأمة الإسلامية إلا إذا تابوا توبة نصوحا صادقة و تجسدت توبتهم فعلا و بصدق في الإيمان بالقرآن و العمل الصالح طبقا لأحكامه.
لقد منع الله تعال إقامة الكفار و المنافقين في دار الإسلام لحماية النظام العام الإسلامي السياسي و الاقتصادي والديني المحددة أحكامه و مبادئه في القرآن. لان نظام الكفار يتعارض مع النظام الإسلامي ولان الكفار يكرهون الإسلام و المسلمين و يسعون دائما رغم مظاهر النفاق الى القضاء على الإسلام و تكفير المسلمين و السيطرة على مواردهم و ثرواتهم الاقتصادية. و من الادلة على ذلك التوبة 67 « المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف » والأنفال 36 « إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ». و التوبة 34 « إن كثيرا من الأحبار و الرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل و يصدون عن سبيل الله ». و النساء 89 « ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء » و البقرة 109 « ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ». و آل عمران 99 « قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا و أنتم شهداء و ما الله بغافل عما تعملون ». و قال الله تعالى على لسان رسوله نوح عليه الصلاة و السلام في سورة نوح 26-27 « و قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك و لا يلدوا إلا فاجرا كفارا ». و البقرة 217 « و لا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا و من يرتدد منكم عن دينه فيمت و هو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا و الآخرة و أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ». إن محاولات الكفار تكفير المسلمين لا تكون فقط بالقتال بل أيضا بالطرق السلمية كالدعاية لأديان الكفر مثل المسحية و الهودية مباشرة بالبعثات أو بوسائل الاعلام و الاتصال المسموعة و المرئية و المكتوبة و الأنترنيت و الفضائيات. و قد أكد لنا التاريخ و الواقع ان من أسباب ردة كثير من المسلمين و اعراضهم عن دينهم  و القرآن و تخلف البلدان الإسلامية اختلاط الكفار بهم في دار الإسلام فانتقلت جراثيم الكفر الى قلوبهم و عقولهم. و استعمرت البلدان الإسلامية من طرف الكفار و المنافقين و عملائهم. و لا تنهض بلاد الإسلام و لا تتحقق لها العزة و الكرامة الا اذا تكونت الأمة الإسلامية من المؤمنين الصالحين الصادقين وحدهم كما امر الله تعالى في الأحكام الشرعية التي بينتها و بشرط الالتزام بمنهج الله تعالى و طاعته و الاستجابة له، و ممارسة الأمة الإسلامية للحكم و السلطة في دار الإسلام.
و قد أمر الله تعالى الرسول عليه الصلاة و السلام و المؤمنين بطرد الكفار و المنافقين من دار الإسلام و الادلة منها ما يلي: السجدة 29-30 « قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم و لا هم ينظرون فأعرض عنهم ». و النجم 29 « فأعرض عن من تولى عن ذكرنا و لم يرد إلا الحياة الدنيا ». و التحريم 9 « يا أيها النبي جاهد الكفار و المنافقين و اغلظ عليهم و مأواهم جهنم و بئس المصير ». و الفرقان 52 « فلا تطع الكافرين و جاهدهم به جهادا كبيرا ». أي طبق عليهم القرآن و إذا رفضوا التوبة النصوح الصادقة اطردهم من دار الإسلام. لهذا فقد نسخ الله تعالى التوبة 29 المتعلقة بالذمة و الجزية في بداية الإسلام و فيها « قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ». و أدلة نسخها البقرة 256 « لا إكراه في الدين ». و النحل 125 « ادع الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة ». و العنكبوت 46 « ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا باللتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ». و قد حرم الله تعالى العدوان على غير المسلمين خارج دار الإسلام لقوله تعالى في المائدة  87 « ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ». و لكن أمر الله تعالى بطرد الكفار و المنافقين من دار الإسلام لهذا لا تجوز إقامتهم في دار الإسلام بناء على ما كان مسموحا به في بداية نزول القرآن و هو عقد الذمة.
و من الأدلة على وجوب طرد الكفار من دار الإسلام المائدة 33-34 « إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ». و من الأدلة التوبة 123 « يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار و ليجدوا فيكم غلظة » و الأنفال 15-16 « يا أيها الذين امنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله و مأواه جهنم و بئس المصير ». و البقرة 193 « و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ». هذه الآية دليل قاطع على أن الله تعالى حرم وجود أي دين من أديان الكفار كالمسيحية و اليهودية في دار الإسلام . فلا يجوز أن يكون في دار الإسلام إلا دين الله الحق الإسلام و هذه الآية تؤكدها الأنفال 39 « و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله ». و قال الله تعالى أيضا في آل عمران 85 « و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ». و آل عمران 19 « إن الدين عند الله الإسلام ».
فطبقا لآيات القرآن التي بينتها لا يجوز نهائيا للمسلم التخلي عن دين الله الحق الإسلام. فإذا ارتد عن الإسلام أو ثبت أنه منافق يطرد من دار الإسلام حتما اذا لم يتب توبة صادقة ابدية و بشرط أن تتجسد هذه التوبة فعلا في الإيمان و العمل الصالح  والتقوى. لقوله تعالى في النساء 146 « إلا الذين تابوا و أصلحوا و اعتصموا بالله و أخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين ». والتوبة11 « فإن تابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ».
و من آيات القرآن التي تؤكد منع الكفار و المنافقين من الإقامة في دار الإسلام ان الله تعالى أمر المسلمين بإعداد القوة الضرورية الاقتصادية و البشرية و العسكرية و المالية و العلمية و التقنية لمواجهة عدوان الكفار على المسلمين و دار الإسلام. بحيث تكون القوة مناسبة لتطور العصر و لقوة الكفار. و الدليل الأنفال 60 « و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم و آخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ». والتحريم 9 « يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين و اغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير » فالحكم الشرعي في الآيتين المذكورتين دليل قاطع على أن الله تعالى حرم إقامة أعدائه و أعداء المسلمين في دار الإسلام، و أنهم ليسوا من الأمة الإسلامية لأنه تعالى أمر بالاستعداد لمحاربتهم إذا اعتدوا على دار الإسلام و المسلمين.
لهذا لا يجوز شرعا قيام أنشطة تجارية و مالية و صناعية للكفار أو شركاتهم في دار الإسلام لأن أموالهم من الحرام كالربا و الميسر و التجارة في المحرمات مثل الخمر و الخنزير و المخذرات و الدعارة و غيرها. و لأن استثمار أموال الكفار في دار الإسلام يجلب لهم ارباحا تقويهم على المسلمين. و هذا مخالف لامر الله تعالى في عدة آيات منها الأنفال 60 « و أعدوا لهم ما استعطتم من قوة... ». و لا يجوز استثمار أموال المسلمين في دول الكفار لأنها تستثمر في المحرمات و تزيدهم قوة على المسلمين. و من فعل ذلك خان الله تعالى و فسق عن أمره. لكن في حالة ضرورة التبادل التجاري مع غير المسلمين لظروف طارئة فإنه يتم بالمقايضة أي سلعة مقابل سلعة حلال لأن عملة الكفار تستعمل للتبادل في المحرمات ولا يجوز للمسلمين التبادل بها بل يجب إحداث عملة إسلامية وسوق مشتركة خاصة بدار الإسلام. و لا يجوز إعطاء الزكاة و الصدقة للكفار والمنافقين و لو كانوا في أشد الحاجة إليها لأنهم أعداء الله تعالى و لأنها تقويهم و لا تجوز إقامة علاقات المودة و الرحمة و التعاون الا بين المسلمين و من الادلة الأنعام 54 « و إذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم ». فلا يجوز السلام على الكفار و المنافقين أبدا إلا إذا أسلموا فعلا. لأن الحكم الشرعي الغير المنطوق في هذه الآية أنه لا سلام و لا تعاون و لا مودة مع الكفار و المنافقين. و من الأدلة أيضا الفتح 29 « محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ». و الحج 18 « ومن يهن الله فما له من مكرم ». والحج57« والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين ». والعنكبوت 23 « و الذين كفروا بآيات الله و لقائه أولئك يئسوا من رحمتي و أولئك لهم عذاب أليم ». هذه الآيات القرآنية حرمت التواصل و المودة مع غير المسلمين إلا إذا تابوا و آمنوا و أصلحوا لهذا لا تجوز إقامة الكفار و المنافقين في دار الإسلام و لا يكونون من أعضاء الأمة الإسلامية و لا يشاركون في الحياة السايسية و الاقتصادية و الاجتماعية  في دار الإسلام. لان الله تعالى قرر الاهانة و العذاب لهم و حرمهم من رحمته، و دار الإسلام دار لرحمة الله تعالى في الدنيا. فلا يجوز للمسلمين إكرام أعداء الله و أعدائهم و تؤيد ذلك الفتح 29  « محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار ». المجادلة 22 « لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان و أيدهم بروح منه و يدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم و رضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ».
و سأعطي مثالين مذكورين في القرآن يؤكدان أن الله تعالى حرم إقامة الكفار و المنافقين في دار الإسلام و انهم ليسوا من الأمة الإسلامية. المثال الاول يتعلق بنبي الله تعالى إبراهيم عليه الصلاة و السلام و الذين امنوا معه حيث اعتزلوا الكفار و ابتعدوا عنهم و الدليل الممتحنة 4 « قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم و الذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم و مما تعبدون من دون الله كفرنا بكم و بدا بيننا و بينكم العداوة و البغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك و ما أملك لك من الله من شيء». و مريم 48-50 « و أعتزلكم و ما تدعون من دون الله و أدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا. فلما اعتزلهم و ما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق و يعقوب ». و المثال الثاني يتعلق بكفار المدينة فقد طردهم الله تعالى بتصرفه المباشر حيث جعلهم بقضائه و قدره المطلق العادل يخربون بيوتهم بأيديهم و بأيدي المؤمنين و الدليل الحشر 2-3 « هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا و ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا و قذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم و أيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار و لولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب النار ». هذا حكم شرعي حكم به الله تعالى في القرآن حيث حرم إقامة الكفار و المنافقين في دار الإسلام. فتدبروا اخواني المحترمين عبارة « كتب عليهم الجلاء » في سورة الحشر 2-3 لهذا يجب طرد الكفار و المنافقين من دار الإسلام إذا رفضوا التوبة و الإيمان الصادق المجسد فعلا بالعمل الصالح و التقوى. و طرد الكفار من دار الإسلام ليس فيه مساس بحقوق و حريات الإنسان. لأن نظام الإسلام مخالف لنظام الكفار. فالقرآن حدد حقوق و حريات المسلمين. حيث أمرت آياته بالقيام بأفعال و حرمت القيام بأفعال أخرى. و المسلم يمارس حقوقه في إطار ما احل الله و ما حرم أي في اطار حدوده. و لا يجوز تطبيق نظام و حقوق و حريات الإنسان الذي حدده الكفار حسب شهواتهم الغير المشروعة و مصالحهم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية المخالفة للقران. و كمثال تبرج المراة و الخمر و الربا و الزنا من المحرمات في الدولة الإسلامية و ليس من حقوق و حريات المسلمين بينما  في دول الكفار فان ذلك من حقوقهم و حرياتهم التي تحميها قوانينهم الوضعية.
لقد أكدت في هذا البحث الأدلة القاطعة و الأحكام الشرعية المستنبطة من آيات القرآن المجيد و الحكيم الدالة على ان الأمة الإسلامية في دار الإسلام تتكون فقط من المؤمنين الصالحين. و لا تجوز إقامة الكفار و المنافقين بدار الإسلام و لا تجوز ممارستهم السلطة و الحكم على المسليمن فيها و يمكن التاكيد على ان من اهم العوامل التي ادت الى تخلي كثير من المسلمين عن دينهم الحق الإسلام و استعمار الكفار لدار الإسلام و نهب ثرواتها و مواردها و السيطرة على المسلمين مباشرة و بواسطة شركات الكفار و عملائهم من المسلمين الذين ارتدوا عن دينهم ، أقول ان اهم هذه العوامل اختلاط الكفار و المنافقين بالمسلمين و اقامتهم بدار الإسلام و الاستيلاء على الحكم و السلطة و تهميش الإسلام و المسلمين. و هذا الإعراض عن القرآن في دار الإسلام من بين عوامل تفرق المسلمين و ضعفهم و تخلفهم.
و لهذا لا تتحسن أحوال المسلمين إلا بتطبيق منهج الله القرآن و طرد الكفار و المنافقين من دار الإسلام إذا رفضوا التوبة و الإسلام و بشرط ممارسة الأمة الإسلامية للسلطة و الحكم في دار الإسلام في إطار الاخوة و الوحدة و التضامن التي يأمر بها الله سبحانه و تعالى كافة المسلمين.لهذا سابين الأحكام الدستورية التي اسندت صراحة و فوضت الحكم و السلطة للأمة الإسلامية المكونة من كافة المسلمين في المحور الرئيسي الثاني من هذا البحث.

-II الحكم و السلطة للأمة الإسلامية طبقا للأحكام الدستورية الإسلامية:
و في إطار مقدمة هذا المحور و قبل توضيح هذه الأحكام الدستورية الإسلامية أبين بأن القرآن حكمة الله الثابتة المنزلة لتطبق بين الناس في الدنيا و انه نظام شامل لكل جوانب الحياة البشرية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الدينية. فالقرآن هو الدستور الأسمى للأمة الإسلامية. ورسالة الله تعالى لكافة البشر في العالم. و هو مادة ابتلاء الله عز و جل للناس و امتحانهم و اختبارهم في الحياة الدنيا. و يحاسبهم بعد البعث عن موقفهم من القرآن و اعمالهم التي عملوها قبل الموت و الدليل البقرة 213 « كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و أنزل معهم  الكتاب ليحكم بين الناس ». و الحديد 25 « لقد أرسنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط ». و المائدة 48 « و أنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب و مهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله و لا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ».
فالقرآن نسخ كل الشرائع السابقة كالتوراة و الانجيل حدد فيه الله تعالى قواعد و مبادئ و أحكاما عامة تهم النظام السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الديني. هذه الأحكام ومنها ما يهم هذا البحث أي الأحكام الدستورية ملزمة لكافة الناس و لا تجوز مخالفتها ابدا. لقوله تعالى في عدة آيات منها الأحزاب 36 « و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ». و الطلاق 5 « ذلك أمر الله أنزله إليكم ». و الزمر 55 « و اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة و أنتم لا تشعرون». الممتحنة 10 « ذلكم حكم الله يحكم بينكم » لهذا فالأحكام الدستورية الإسلامية تابثة و ملزمة و صالحة لكل زمان و مكان و لا يغيرها الا الله تعالى. فالقرآن الكريم نظام شامل ليس فقط لما يهم الدين بل كذلك للمسائل السياسية و الدستورية و غيرها لقوله تعالى في عدة آيات من بينها الزمر 27 « و لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون ».  و النحل 89 « و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيئ و هدى و رحمة و بشرى للمسلمين ». و الإسراء 9 « إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم و يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ». و فصلت 42-41 « و إنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ». و الفرقان 33 « و لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا ». فالقرآن حكمة الله تعالى لهذا فالأحكام الدستورية الإسلامية هي أيضا حكمته عز و جل و حكمه الملزم للناس. و الدليل آيات كثيرة منها هود 1 « الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ». و النساء 113 « و أنزل الله عليك الكتاب و الحكمة » و الإسراء 39 « ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة » و الأحزاب 34 « و اذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله و الحكمة » يعني القرآن. و الزمر 1 « تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ». و يس  2 « و القرآن الحكيم ». و الشورى 3 « كذلك يوحي إليك و إلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم ». و الجاثية 2 « تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ». و النمل 6 « و إنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ». لهذا فالقرآن كلام و شرع و قوانين و حكمة الله تعالى و بناء عليه فإن الأحكام الشرعية المتعلقة بالأحكام الدستورية المستنبطة من آيات القرآن حكمة الله تعالى التي يجب تطبيقها و الحكم بها في دار الإسلام.
الأحكام الدستورية الوضعية في الدول الغير الإسلامية تختلف من مكان إلى مكان و من زمان الى زمان و هي من وضع البشر. أما الأحكام الدستورية الإسلامية فهي تابثة ليست من وضع البشر و لا تتغير حسب الظروف الزمانية و المكانية لان الله تعالى الحكيم و الخبير هو الذي حددها في آيات القرآن. هذه الأحكام الدستورية الإسلامية فرضت على الأمة الإسلامية ممارسة السلطة و الحكم في دار الإسلام لتطبيق منهج الله عز و جل القرآن و تبليغ الدعوة الإسلامية للناس لان  الله تعالى امرها و كلفها بهذه المهمة بعد الرسول عليه و على كل الرسل صلاة الله و سلامه.
إن أحكام القانون الدستوري الإسلامي و القواعد و الأحكام الدستورية الواردة في آيات القرآن امرة و ملزمة و تابثة. و لكن الأمة الإسلامية و المؤمنين يمكنهم وضع القوانين التنظيمية و التطبيقية للنظام الدستوري الإسلامي حسب متطلبات الظروف البشرية و الوسائل و الامكانيات المتوفرة. و يمكنهم الاستفادة من القوانين و النظم الدستورية الاجنبية بشرط عدم مخالفة توابت القرآن.  و لكن لا يجوز شرعا تشريع أي قانون مخالف لأحكام القرآن سواء في المجال الدستوري او السياسي  و الاقتصادي و الاجتماعي و غيره.
و كمثال يمكن للمسلمين انتخاب اعضاء مجلس الأمة الذي يمثلهم و ينوب عنهم في ممارسة الحكم و تدبير الشان العام و تطبيق القرآن و تولية الحكام وأولي الأمر المؤمنين الصالحين الأكفاء لتطبيق القوانين التي يشرعها المجلس تحت مراقبته و مراقبة كافة المؤمنين في دار الإسلام .و كمثال يمكن قيام دولة اتحادية كبرى تتكون من كل الدول البسيطة المكونة لدار الإسلام و لكن بشرط سيادة السلطة الإسلامية المركزية و القانون الإسلامي الموحد في دار الإسلام كلها. كما أن رئيس الدولة و رئيس مجلس الأمة الذي يسير المجلس الاتحادي للدولة الإسلامية الاتحادية الكبرى أو الولايات الإسلامية المتحدة المكونة من كل ولايات دار الإسلام و ينظم العلاقة بين السلط يجب أن يكون منتخبا من طرف كافة المسلمين في دار الإسلام. من هنا تظهر أهمية معرفة الأحكام الدستورية الإسلامية و سابينها في آيات القرآن حسب ما استطعت تدبره و استنباطه. و هي كما يلي على سبيل المثال لا الحصر:

أ- المجموعة الأولى:

1) الشورى 38 « و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم و مما رزقناهم ينفقون ». فالاستجابة لله تعالى هي طاعته و تنفيذ أوامره الواردة في القرآن بمعنى الإيمان الصادق و العمل الصالح و التقوى. هذه الآية حكم دستوري مهم جعل سلطة التقرير في الأمور و القضايا التي تهم المؤمنين الصالحين سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي و الاجتماعي و غيره من اختصاصهم وحدهم يقررون لها الحلول التي يتفقون عليها. لهذا لا يجوز نهائيا لاي انسان بعد الرسول عليه صلاة الله و سلامه ان يفرض على  الأمة الإسلامية رأيه أو قراراته. فلا بد من اتفاق المسلمين لتدبير شؤون الدولة الإسلامية. لهذا فالأمة الإسلامية هي التي فوض إليها الله تعالى تدبير أمور المسلمين في دار الإسلام.

2) التوبة 71 : « و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و يطيعون الله و رسوله  أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ». طبقا لهذه الآية أمر الله عز و جل المؤمنين و المؤمنات بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و معنى ذلك أنهم يأمرون الناس بالعمل الصالح و الابتعاد عن العمل الفاسد و السيئات. أي يأمرون الناس بالالتزام بالقرآن و تطبيقه لان القرآن بين فيه الله تعالى ماهو منكر و ما هو معروف و حسنات و عمل صالح. و لا يمكن إلزام الناس و أمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر إلا إذا توفرت السلطة و الحكم للمؤمنين و المؤمنات هذه الآية في التوبة 71 من أسس النظام الدستوري الإسلامي و الأحكام الدستورية الإسلامية التي أسندت الحكم و السلطة للأمة الإسلامية في دار الإسلام. و تؤكدها آيات أخرى منها آل عمران 104 « و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون ».  و التوبة 112 « التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الأمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و الحافظون لحدود الله و بشر المؤمنين ».  فالمؤمنون الصالحون مكلفون من الله تعالى بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و حماية حدود الله و فرض تطبيقها و الالتزام بها في دار الإسلام و هي أوامر الله تعالى الواردة في القرآن.و منها أيضا آل عمران110 « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ». فكلمة "كنتم" خاطب بها الله تعالى المؤمنين الصالحين الصادقين. لهذا فهم أصحاب السلطة و الحكم و السيادة في دار الإسلام.

3) النساء 58 « إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ». فالمؤمنون هم الذين أمرهم الله تعالى بالحكم بالعدل بين الناس. و هذا الأمر الوارد في النساء 58 أساس شرعي يعطي الحكم و السلطة بعد الرسول في الدولة الإسلامية للمؤمنين الصالحين. وتؤيده النساء 135 « يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ». و المائدة 8 « يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط و لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ». و الأنعام 152 « و إذا قلتم فاعدلوا و لو كان ذا قربى ».  و قال الله تعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام في هود 85 « و يا قوم أوفوا المكيال و الميزان بالقسط و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الأرض مفسدين ». و النحل 90 « إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي ». و قد أشارت البقرة 188 إلى إسناد الحكم للمؤمنين في دار الإسلام لقوله تعالى فيها « و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل و تدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم و أنتم تعلمون ».

4) الحجرات 9-10 « و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم و اتقوا الله لعلكم ترحمون ». فالقرآن يفرض على الأمة الإسلامية المحافظة على الأمن و السلم في دار الإسلام. و أمرها بتوقيع العقاب و الزجر بكل من بغى و فسد و فسق عن أمر الله تعالى. و من الأدلة البقرة 208 « يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة و لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين » و البقرة 224 « أن تبروا و تتقوا و تصلحوا بين الناس ». و النساء 114 « لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ». و الأنفال 46 « و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم و اصبروا ».  لهذا لا بد للأمة الإسلامية من الحكم و السلطة لإقامة العدل و السلم و الأمن و الصلح بين الناس في دار الإسلام، ولا بد من انتخاب المسلمين للحكام وأولي الأمر للقيام بذلك تحت مراقبتهم.

5) النساء 59 « يا أيها اللذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا ». فكلمة "منكم" الواردة في النساء 59 أساسية لأنها تدل على أن أولى الأمر أي الحكام الذين تجب طاعتهم شرعا في دار الإسلام يجب أن يكونوا من المؤمنين الصالحين المؤهلين و الأكفاء لأن الخطاب في الآية المذكورة موجه للمؤمنين. لهذا فإن النساء 59 أساس لحكم دستوري إسلامي أسند الحكم و السلطة للأمة الإسلامية. و هي التي تختار و تنتخب اولى الأمر و الحكام من بين المؤمنين الصالحين الأكفاء و الصادقين. و أشير كما سأبين فيما بعد بأن طاعة أولي الأمر ليست مطلقة بل مقيدة بطاعتهم لله أي الالتزام بالقرآن والقوانين المطبقة له و المتخذة من طرف الأمة الإسلامية أو مجلسها.و الدليل الشعراء 151 – 152 حيث قال الله عز و جل على لسان نبيه صالح عليه السلام « و لا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض و لا يصلحون ». و هود 113 « و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ».  و الزخرف 54- 56 « فاستخف قومه فأطاعوه إانهم كانوا قوما فاسقين فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين. فجعلناهم سلفا و مثلا للآخرين ».

6) الحج 78 « و في هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و اعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى و نعم النصير ». الرسول عليه الصلاة و السلام يشهد أمام  الله تعالى في الآخرة على تبليغ القرآن للناس و الأمة الإسلامية تبلغ هي أيضا من بعده القرآن للناس و تشهد عند الله على هذا التبليـغ و من الأدلة النحل 43 « فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ». هذه الآية تفرض واجبا على العلماء و الفقهاء و الأساتذة و كل المختصين في علوم القرآن و الدراسات الإسلامية بأن يفسروا و يبينوا أحكام القرآن لكافة الناس في العالم. بل خصص الله تعالى عذابه في الدنيا و الآخرة للذين لهم علم و قدرة على شرح و تفسير القرآن و لكنهم لم يقوموا بهذه المهمة أو حرفوا حقائق القرآن. و الدليل البقرة 159-160 « إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم ».  و البقرة 174 « إن الذين يكتمون ما أنـزل الله من الكتاب و يشترون به ثمنـا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار و لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم ». فهذه المهمة التي فرضها الله تعالى على الأمة الإسلامية بخصوص الدعوة الإسلامية و تبليغ القرآن لكافة الناس بالعالم تحتاج الى تنظيم بشري و علمي و مالي و سياسي. لهذا فإن هذه المهمة تعتبر سندا دستوريا يخولها الحكم و السلطة في دار الإسلام .

7) الأنفال 60 « و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم و آخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم و ما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم و أنتم لا تظلمون ». و لقد سبق أن بينت في المحور الرئيسي الأول من هذا البحث الآيات القرآنية التي أكد فيها الله تعالى بأن الكفار و المنافقين أعداء الله تعالى و أعداء المسلمين. و الواقع و التاريخ يؤكدان هذه الحقيقة.  لهذا فرضت الأنفال 60 المذكورة على الأمة الإسلامية إعداد القوة الضرورية للدفاع عن الإسلام و دار الإسلام و المسلمين في مواجهة عدوان اعدائهم. و القوة التي أمر الله تعالى بإعدادها شاملة عسكرية و اقتصادية و مالية بشرية و علمية و تقنية و ذلك حسب الظروف الزمانية و المكانية و التطور الذي وصل إليه الكفار. هل يمكن إعداد هذه القوة الشاملة بدون تنظيم و تعاون بين المسلمين و بدون حكم و سلطة تشرع القوانين و تفرض تطبيقها؟ لا بد للأمة الإسلامية من ممارسة الحكم و السلطة الإسلامية في دار الإسلام للقيام بهذه الفريضة و الواجب الذي فرضه الله تعالى عليها. و أقول أن من بين عوامل تخلف المسلمين و ضعفهم و استعمار بلاد الإسلام إعراضهم عن القرآن و عن الفرائض التي فرضها الله تعالى و منها إعداد القوة الضرورية للدفاع عن دين الله الحق الإسلام و عن دار الإسلام. وقد وضع أعداء الإسلام كثيرا من الأحاديث في السنة النبوية لتحريف القرآن و إضعاف عزيمة المسلمين و منعهم من التطور و التقدم. و كمثال الحديث الذي قيل فيه كذبا أن من رابط في المسجد للصلاة و بقي فيه تفتح له أبواب الجنة فماذا يأكل إذا لم ينتج مصادر طعامه. ألم تتدبروا الجمعة 10 « فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ». والنبأ 11 « و جعلنا النهار معاشا ». و الأنفال 60 « و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ».والتوبة 105 « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبؤكم بما كنتم تعملون » لهذا لا بد للأمة الإسلامية من ممارسة الحكم و السلطة في دار الإسلام للقيام بما فرض الله تعالى. فلا بد من عبادة الله تعالى و تطبيق القرآن و في آن واحد تحقيق التنمية الفلاحية و الصناعية و تأهيل العنصر البشري علميا و تقنيا و التكوين و التعليم و التربية الإسلامية و التكوين العسكري و إنتاج السلاح.
فلا بد من التعاون و توحد كل المؤمنين بحيث يعمل كل مؤمن حسب اختصاصه و طاقته في الانتاج الحلال و التقدم في إطار حدود الله عز وجل المنصوص عليها في القرآن. وهذا أمر به الله تعالى. و لكن العمل لمتاع الدنيا و تقدم الدولة الإسلامية يجب أن يتم في إطار العمل و عبادة الله تعالى و الاستجابة إليه و طاعته و ذلك بالالتزام بأحكام القرآن قولا و عملا سرا و علانية. الدليل المنافقون 9 « يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله و من يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ». و يونس 8-7 « إن الذين لا يرجون لقاءنا و رضوا بالحياة الدنيا و اطمانوا بها و الذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ». الله تعالى أمر بالعمل لمتاع الدنيا الحلال و التقدم و النمو و لكن في إطار عبادته عزوجل و الالتزام بحدوده.

8) الحج 77-78 « يا أيها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا و اعبدوا ربكم و افعلوا الخير لعلكم تفلحون و جاهدوا في الله حق جهاده ». و الحجرات 15 « إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا و جاهدوا بأموالهم و أنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون » التوبة 41 « و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ». هذه الآيات القرآنية جعلت الجهاد فرضا من فرائض الإسلام و شرطا من شروط الإيمان. المؤمن يجاهد في سبيل لله تعالى حسب استطاعته الصحية والفكرية والمالية والجهاد هو أولا محاربة النفس الأمارة بالسوء والتي توسوس للانسان مثل الشياطين والتحكم في الهوى وعدم الخوف من الشياطين وأوليائهم الكفار والمنافقين و اتباع حدود الله تعالى و الالتزام بها و الدفاع عن دين الله في مواجهة عدوان الكفار والمنافقين.و من الآيات التي أكدت أن الجهاد فرض على المسلمين حسب استطاعة كل واحد منهم التوبة 24 « قل إن كان آباؤكم و أبناؤكم و اخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم و أموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها أحب إليكم من الله و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره و الله لا يهدي القوم الفاسقين». فمن تتوفر فيه شروط الجهاد الصحية و المالية و لم يجاهد في سبيل الله لفرض تطبيق القرآن في دار الإسلام و الدفاع عن دين الإسلام فهو فاسق و ظالم مستحق لعذاب الله  تعالى في الدنيا و الآخرة. و الدليل كذلك الصف 10-13 « يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ».و الأنفال 74 «و الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل الله و الذين آووا و نصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة و رزق كريم ». بل أمر الله تعالى فعلا بالجهاد و القتال في حالة اعتداء الكفار و المنافقين على دار الإسلام  و المسلمين. و الدليل البقرة 190« و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ».  فالجهاد أمر الله تعالى به للدفاع و ليس للعدوان. و قد خصص الله تعالى لمن يموت في سبيله أحسن الجزاء و هو الجنة و مغفرة كل الذنوب و السيئات حتما. لقوله تعالى في آل عمران 169-171 « و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم و لا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله و فضل و أن الله لا يضيع أجر المؤمنين». القيام بفريضة الجهاد و الإجراءات المتعلقة بتنظيمه تعطي للأمة الإسلامية الحكم و السلطة لأداء فرائض الإسلام و فرض تطبيق القرآن بدار الإسلام.كما أن الجهاد يكون أيضا بالوسائل السلمية لمواجهة العدوان السلمي للكفار و المنافقين لأنهم يستعملون الطرق السلمية أحيانا للقضاء على الإسلام و زرع الفتن بين المسلمين و الدعاية ضد الإسلام بالوسائل السلمية كالدعاية في الفضائيات و الأنترنيت و مختلف و سائل الاتصال. لهذا يجب على المسلمين الجهاد السلمي كذلك في هذه الحالة للدفاع عن دين الله الحق الإسلام و عن وحدة المسلمين و استقلال دار الإسلام.
و قد أمرنا الله تعالى في الأنفال 60 بالجهاد السلمي و الجهاد القتالي لقوله تعالى « و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ». ولهذا تجب مساندة الدعاة والعلماء والباحثين المسلمين لأنهم قوة سلمية للدفاع عن الإسلام. يجب العمل على توفير العمل الجدي و الانتاج الحلال و مساهمة كل المسلمين حسب استطاعتهم  في توفير هذه القوة التي أمر بها تعالى و ذلك بالتنمية الشاملة. كل هذا يعطي للأمة الإسلامية باعتبارها المخاطبة في هذه الآيات كل السلطات و الحكم للقيام بواجبها الذي فرضه الله تعالى عليها. ولكن الواقع و التاريخ أكدا بأن من بين عوامل تخلف المسلمين إعراضهم عن منهج الله تعالى و تركهم الحكم و السلطة للكفار و عملائهم الذين ساهموا في تكفير الكثير من الناس و الصد عن سبيل الله عز و جل. وما دامت الأمة الإسلامية في سباتها و متخلية عن السلطة و الحكم في دار الإسلام فسيبقى المسلمون في تخلفهم و ضعفهم لقوله تعالى في الرعد 11 « إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم  ».

ب- المجموعة الثانية :
1- التحريم 6 « يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و هليكم نارا وقودها الناس و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون ». هذه الآية فيها حكم شرعي أساسي و مهم يفرض على كل زوج مسلم مهمة مقدسة و أساسية هي أن يجاهد نفسه و يحميها من كل الأعمال و الأقوال المخالفة لشرع الله القرآن و التي تؤدي الى عذاب الله تعالى المؤجل بأجل في الدنيا و عذاب جهنم الدائم بالآخرة.  فعلى كل زوج مسلم إجبار زوجته و أبنائه القاصرين على التقوى و الالتزام بالقرآن ليحميهم و يقيهم و يحمي نفسه من عذاب الله تعالى. فالحكم الوارد في التحريم 6 حكم به الله تعالى و أنزله ليطبق بين الناس.  و هو مؤكد في مريم 54-55 « و اذكر في الكتاب اسماعيل إنه كان صادق الوعد و كان رسولا نبيا و كان يأمر أهله بالصلاة و الزكاة و كان عند ربه مرضيا ». و طه 132 «و امر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها ». لهذا يجب على الزوج المسلم أن يأمر زوجته و أبناءه القاصرين بالصلاة والتقوى بصفة عامة. و من لم يطبق أمر الله تعالى الوارد في التحريم 6 فهو فاسق و آثم و معرض لعذاب الله عز و جل إن لم يتب توبة نصوحا و صادقة. و طبعا التوبة يقبلها الله تعالى مرة واحدة في عمر الإنسان. و قد بينت الأدلة على ذلك في أبحاث سابقة. فكيف يتظاهر المنافقون بالصلاة مع الجماعة بالمسجد بينما زوجاتهم فاسقات متبرجات و أطفالهم مفسدون في الأرض. فعلى المؤمن تربية أهله تربية إسلامية صادقة و مراقبة أعمالهم لتكون صالحة حتى تؤهلهم للجنة و تحميهم من جهنم و عذاب الله في الدنيا أيضا.الله تعالى أعطى للزوج المسلم صلاحيات الحكم والتدبير في أسرته وحمله مسؤولية حفظ نظامها وتطورها وأمنها وأخلاقها ولكن في إطار حدود الله تعالى الواردة في القرآن. وإذا لم يقم الزوج المسلم بهذا التكليف والواجب فإنه آثم ومعرض لعقاب الله تعالى.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لدى مدونة مستر ابوعلى| إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

تصميم : مستر ابوعلى