الجزء الثاني
الموضوع :
آيات القرآن التي أسندت الحكم و السلطة للأمة الإسلامية في دارالإسلام.
2- المائدة 2 « و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب ». هذا الأمر بالتعاون على التقوى أي طاعة الله و الإلتزام بالقرآن و حدود الله تعالى و جهه الله تعالى الى كافة المؤمنين. و قد أمرهم بعدم التعاون على الإثم و العدوان و الظلم و كل مخالفة للقران و حدود الله تعالى. و الدليل النساء 90 « فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا ». و البقرة 190 «و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ». و البقرة 193 «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فان انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ». و المائدة 87 « يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ». و المجادلة 9 « يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم و العدوان ». هذا التعاون الذي أمر به الله تعالى المؤمنين لفرض تطبيق القرآن و منع مخالفته في دار الإسلام لا يمكن أن يتحقق إلا بممارسة الحكم و السلطة و تدبير الشأن العام لهذا فإن المائدة 2 من الأحكام الدستورية التي فوضت الحكم و السلطة للأمة الإسلامية.لهذا يجب على المؤمنين الامتثال لأمر الله تعالى و حكمه و أمره بهذا التعاون. و الجهاد في سبيل الله تعالى بأموالهم و أنفسهم للدفاع عن دين الله تعالى الحق و هو الإسلام. و يجب عليهم تحقيق الوحدة و التضامن و الأخوة و التعاون بين كافة المؤمنين بدار الإسلام، و إقامة علاقات المحبة و المودة و الأخوة في الدين الإسلامي، و التعاون على إعداد القوة التي أمر بها الله تعالى في الأنفال 60 السابقة الذكر للدفاع عن الإسلام و المسلمين في مواجهة الكفار.و إذا حصل هذا التعاون بصدق يسود التقدم و الأمن و الإزدهار في المجتمع الإسلامي. فالمائدة 2 المذكورة من آيات القرآن التي تعتبر أساسا لحكم دستوري يسند السلطة و الحكم في دار الإسلام للأمة الإسلامية لأن إقامة التعاون الذي أمر به الله تعالى في المائدة 2 المذكورة يحتاج إلى تنظيم و مؤسسات و قوانين وضعية مطبقة للقرآن و أجهزة مشرعة و قضائية و تنفيدية. لهذا فالحكم السياسي و السلطة في دار الإسلام من اختصاص الأمة الإسلامية و المجلس الذي تنتخب أعضاءه و رئيسه.فتدبروا إخواني القراء و الباحثين و الدعاة المحترمين التحريم 6 إنها حكمة الحكيم الخبير الله عز و جل و حصن المجتمع الإسلامي و تقدمه و نموه. فلو فرضت الأمة الإسلامية. بحكمها و سلطتها على كل زوج وقاية أهله و أولاده من عذاب جهنم أي إجبارهم على طاعة الله و الالتزام بالقرآن قولا و عملا سرا و علانية لما تخلف المسلمون و لما تفرقت صفوفهم لأن الأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع. و إذا صلحت الأسر في دار الإسلام يصلح المجتمع فيها.و يفرض المسلمون تطبيق القرآن و تمارس الأمة الإسلامية حتما الحكم و السلطة لإرغام كل زوج على وقاية أهله من عذاب الله وذلك بإرغامهم على التقوى. وعلى الأمة الإسلامية و مجلسها الذي ينوب عنها و الحكام وأولي الأمر الذين إنتخبتهم لإدارة الشأن العام عليهم جميعا اتخاذ الإجراءات والقوانين لتطبيق آية التحريم 6 و منها وضع برامج حقيقية و فعالة لتربية الأطفال و الشباب تربية إسلامية صحيحة. و يجب كذلك التحكم في برامج وسائل الاتصال و الإعلام و الفضائيات و الأنترنيت و كل وسائل الثقافة و الدعاية المسموعة و المرئية و المكتوبة لحماية الثقافة الإسلامية و العقل و الفكر الإسلامي من جراثيم الكفر و الإلحاد و النفاق. لأن هذه الوسائل التي ذكرتها تلعب دورا أساسيا في تكوين العقل البشري بجانب دور الأسرة و المدرسة. لهذا يجب على الأمة الإسلامية و المجلس الممثل لها التحكم في برامج التعليم في مختلف مراحله، و تدريس مواد التربية الإسلامية بدقة. فالطفل الذي يربى في وسط الكفار يكون كافرا. و إذا نشأ نفس الطفل في وسط المسلمين يكون مسلما لهذا يجب على الأمة الإسلامية ممارسة الحكم و السلطة الإسلامية في دار الإسلام لتطبيق القرآن و حماية العقل القرآني و الفكر الإسلامي لكي لا تغزوه ثقافة الكفار وحضارتهم المخالفة لشرع الله تعالى حتى لا ينهار المجتمع الإسلامي فيستولي عليه الكفار و على دار الإسلام و على خيراتها و مواردها. و الواقع يؤكد أن أغلب المسلمين لم ينفدوا أمر الله تعالى الوارد في التحريم 6 لأنهم لم يربوا أهلهم و أطفالهم تربية إسلامية صحيحة و من أسباب ذلك تفرقة الأمة الإسلامية و إبعادها من الحكم و السلطة من طرف الكفار و عملائهم من المسلمين. فسارعوا أيها المؤمنون إلى تطبيق أمر الله تعالى في التحريم 6 لتنجوا من عذابه لأنه تعالى أعطى للزوج سلطة على أهله و أسرته بحيث يجب على الزوجة و الأولاد طاعة الزوج في المعروف أي في إطار حدود الله تعالى المنصوص عليها في القرآن. و الدليل النساء 34 « فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ». و الحكم الشرعي المستنبط من هذه الآية أن الله تعالى جعل سبيلا للزوج على زوجته إذ لم تطعه في المعروف يجب عليه معاقبتها أو تطليقها إن لم تتب. لأن من شروط الزواج إسلام الزوج و الزوجة. و إذا كفر أحدهما يفسخ عقد الزواج وجوبا و تنتهي العلاقة الزوجية إذا لم يتب الطرف الكافر من الزوجين. فطاعة الأهل للزوج حكم بها الله تعالى الذي قال في الأحزاب 36 « و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ». بناء على هذه الأدلة التي بينتها فإن التحريم 6 حكم شرعي دستوري إسلامي يسند الحكم و السلطة في دار الإسلام للأمة الإسلامية في إطار الواجب الذي فرضه الله تعالى عليها لتطبيق القرآن.
3- النور 2-3 « الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك و حرم ذلك على المؤمنين ». فالزنا هو كل علاقة جنسية بين ذكر و أنثى بدون أن يربط بينهما عقد زواج دائم و مشروع. هذه الآية فرضت على المؤمنين معاقبة الزاني و الزانية معا بأشد العقاب و بدون رأفة ولو أدى ذلك إلى موتهما، بل جعل الله تعالى هذا العقاب من شروط الإيمان بمعنى أن تطبيق حكم النور 2-3 واجب مفروض على المؤمنين لأن خطاب و أمر الله تعالى موجه إليهم. لهذا لا بد للأمة الإسلامية من الحكم و السلطة لمراقبة الزنا و توقيع العقاب على الزانيين حتما. وإذا زنى أحد الزوجين يفسخ عقد الزواج شرعا و لا يجوز أن يسمح أحد الزوجين بخصوص الطرف الآخرالزاني لأن ذلك كفر بحكم آية النور 3-2 .لهذا يجب منع مقدمات الزنا و التحريض عليه كتبرج النساء و إظهارهن لزينتهن لغير المحارم و في الأماكن العمومية لقوله تعالى في النور 30 « قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ». والنور 31 « و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن و لا يبدين زينتهن....».وقد جعل الله تعالى من شروط الفوز بالجنة والإفلات من جهنم حفظ الفرج والإبتعاد عن الزنا ومقدماته ومن الأدلة الأحزاب 35 « والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما » والفرقان 68-71 . و أحيلكم على بحث نشرته في موقعي المذكور بالأنترنيت حول موضوع "الأحكام الشرعية التي تفرض على المؤمنة إخفاء كل زينتها باستثناء الوجه و الكفين". فإذا لم تمارس الأمة الإسلامية الحكم و السلطة و لم تفرض على الحكام و أولي الأمر الذين انتخبتهم لممارسة الحكم وإدارة الشان العام الإلتزام بالقوانين و تنفيذ القرآن فإن الناس يعرضون عنه و يصدهم الكفار عن سبيل الله عز و جل و ينهار المجتمع الإسلامي.
4- البقرة 275 « الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا و أحل الله البيع و حرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف و أمره الى الله و من عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ». و البقرة 278-279 « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله و رسوله و إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون و لا تظلمون ». فالربا هو كل ما يحصل عليه الإنسان بدون مقابل عمله الحلال المنتج باستثناء الربح المشروع في حالة البيع. و من الربا الفائدة التي يحصل عليها الذي أقرض ماله لغيره و كيفما كان شكل هذه الفائدة و مضمونها. و من الربا كذلك الربح المتفاحش الذي يتجاوز الثلث من قيمة ثمن كلفة المبيع. و ما يحصل عليه البائع من أرباح عالية بسبب الإحتكار و المضاربة و ما يحصل عليه الشخص من النصب و الإحتيال و أكل أموال الناس بالباطل لقوله تعالى في البقرة 188 «و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل». لقد شدد الله تعالى تحريمه للربا و كل مظاهر و أشكال أكل أموال الناس بالباطل سواء من طرف الإنسان أو الشركات والمؤسسات لأن فيه ظلما و إعتداءا على حقوق و أموال الناس. و طبعا الشركات و المؤسسات لا يجوز لها شرعا التعامل بالربا لأن أموالها ملك الناس، و لأن ذلك يؤدي إلى تبذير الموارد المالية و الإستهلاك دون حق و دون عمل حلال للإنتاج. و يؤدي إلى تراكم الإقتصاد المالي النقدي و تدهور الإقتصاد المادي للسلع. و هذا ما يسبب الأزمات الإقتصادية للأفراد و المجتمع لأن سيولة النقود تكون أكبر من عرض إنتاج السلع مما يؤدي إلى التضخم والكساد الإقتصادي .لهذا فتحريم الربا وكل أكل أموال الناس بالباطل وكل الحصول على المال بدون مساهمة في الإنتاج الحلال حكمة الحكيم الجليل الله عز وجل. و كل من يستفيد من الربا عمدا بعد أن رفض التوبة يعتبر كافرا و مصيره عذاب الله تعالى المؤجل في الدنيا و جهنم حتما بعد الموت و البعث. و الدليل القاطع البقرة 275 « و من عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ». و البقرة 278 « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ». لهذا فان الابتعاد عن الربا و كل أشكال أكل أموال الناس بالباطل شرط من شروط الإيمان . والحكم الشرعي الغير المنطوق في الآيتين المذكورتين أن الذي يتعامل بالربا أو يكتبه ويشهد عليه و الذي يستهلكه ليس مؤمنا بل كافر. و لا تجوز إقامته مع المسلمين في دار الإسلام إلا إذا تاب توبة نصوحا صادقة و أبدية حتى الموت. و لكن التوبة لا يقبلها الله إلا مرة واحدة في عمر الإنسان و قد بينت الأدلة في أبحاث سابقة.لهذا يجب أن تمارس الأمة الإسلامية الحكم و السلطة في دار الإسلام لفرض تطبيق القرآن ووضع القوانين المطبقة له و منها القوانين الإقتصادية الإسلامية. و للمزيد حول هذه المسألة أحيلكم على البحث الذي نشرته بموقعي المذكور بالأنترنت حول موضوع "أسس النظام الإقتصادي الإسلامي في القرآن".
5- البقرة 213 « كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و أنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ». و الحديد 25 «لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للناس و ليعلم الله من ينصره و رسله بالغيب ان الله قوي عزيز ». و البقرة 38-39 « قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم و لاهم يحزنون. و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ». والمائدة 48 « لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم في ما آتاكم ».هذه الآيات الأربع هي أساس الحكم الدستوري الإسلامي الأساسي الذي أسند و فوض الحكم و السلطة للأمة الإسلامية في دار الإسلام. لأن الله تعالى أنزل القرآن لكي تطبقه الأمة الإسلامية في دار الإسلام و تحكم به و بما فيه من قواعد و أحكام. و القرآن مادة ابتلاء للناس في الدنيا من التزم به قولا و عملا سرا و علانية حتى الموت ينال رحمة الله تعالى في الدنيا و الجنة في الآخرة. إن كل الشرائع و الكتب السماوية كانت مادة ابتلاء للأمم التي أنزلت عليها في مدتها الزمنية التي أرادها لها الله سبحانه و تعالى و لكن القرآن وحده مادة ابتلاء كل الناس بالعالم لأنه نسخ ما سبقه من كتب كالتوراة و الإنجيل. و للمزيد حول هذه المسالة أحيلكم على البحث الذي نشرته بموقعي المذكور بالأنترنيت حول موضوع "أدلة بطلان صلاحية التوراة و الإنجيل بالقرآن و أحكام الكفرو الإيمان".
و من الآيات التي تؤكد الواجب الشرعي المفروض على الأمة الإسلامية بخصوص تطبيق منهج الله تعالى القرآن ما يلي: آل عمران 103 « و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا ». أي التزموا بالقرآن و توحدوا حوله و آل عمران 101 « و من يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ». والأعراف 3 « اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم و لا تتبعوا من دونه أولياء ». و الزمر 55 « واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة و أنتم لا تشعرون ». و الأنعام 153 « و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ». و صراط الله المستقيم هو القرآن الكريم الذي يمكن من اتبعه من رؤية الله تعالى و العودة إليه و إلى جنته و الحياة الدائمة الخالدة في سعادتها. وهناك أيضا الطلاق 1 « و تلك حدود الله و من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ». و الطلاق 5 « ذلك أمر الله أنزله إليكم و من يتق الله يكفر عنه سيئاته و يعظم له أجرا». و الممتحنة 10 « ذلكم حكم الله يحكم بينكم و الله عليم حكيم ». لهذا قال تعالى في المائدة 45 « و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ». فالقرآن هو أحكام الله تعالى التي يجب أن يحكم بها الحكام و أولوا الأمر بين الناس. و هناك البقرة 187 « تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون ». و البقرة 229 « تلك حدود الله فلا تعتدوها و من يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ». السجدة 22 « و من أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ». فحدود و آيات الله تعالى هي القرآن. و من بين الآيات التي فرضت على الأمة الإسلامية تطبيق القرآن في دار الإسلام و أعطتها و أسندت إليها الحكم و السلطة هناك الآيات التي امرت المؤمنين بالتقوى، و هي كثيرة و قبل ذكر بعضها أقول بان التقوى مرادف لطاعة الله تعالى و الخوف منه و الإستجابة إليه بمعنى الحكم بما أنزل الله وهو القرآن و الالتزام به قولا و عملا سرا و علانية حتى الموت. فالتقوى تتجسد و تتأكد فعلا في الإيمان الصادق و العمل الصالح و الحب الشديد لله سبحانه و تعالى. و سأذكر بعض الآيات التي أمر فيها الله تعالى المؤمنين بالتقوى و منها: النور 52 « و من يطع الله و رسوله و يخش الله و يتقه فأولئك هم الفائزون ». و المائدة 57 « و اتقوا الله إن كنتم مؤمنين ». إذن فالتقوى من شروط الإيمان و من لا يلتزم بأحكام القرآن قولا و عملا سرا و علانية ليس مؤمنا و ليس متقيا. و الأمة التي لا تمارس الحكم و السلطة لتطبيق القرآن بدار الإسلام ليست أمة إسلامية ما عدا إذا أبعدها الكفار و عملاؤهم لظروف قاهرة و خارجة عن إرادة المؤمنين. و هناك الحج 1 « يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ». و النساء 1 « يا أيها الناس اتقوا ربكم ». و لقمان 33 « يا أيها الناس اتقوا ربكم و اخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده و لا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا و لا يغرنكم بالله الغرور». و التوبة 119 « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين». و الطلاق 10 « فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ». و الذكرالذي أنزله الله تعالى للناس هو القرآن. و الحشر 18 « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و لتنظر نفس ما قدمت لغد و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ». و الزمر 10 « قل يا عبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم». وآل عمران 102 «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون». و قد خصص الله تعالى أحسن الجزاء للمتقين و هو إسكانهم في الجنة ليعيشوا حياة دائمة أبدية في سعادتها و ينظروا إلى الله تعالى و يكلموه و ينالوا رحمته في الدنيا و الآخرة. و من الأدلة على ذلك يونس 62-64 « ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون الذين آمنوا و كانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوزالعظيم».و الأعراف 35-36 « يا بني آدم إما ياتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى و أصلح فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون و الذين كذبوا بآياتنا و استكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ». والأنفال 29 « يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا و يكفر عنكم سيئاتكم و يغفر لكم و الله ذو الفضل العظيم ». و الأحزاب 70-71 « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم ». و الطلاق 2-3 « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ». و الحديد 28 « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و آمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته و يجعل لكم نورا تمشون به و يغفر لكم و الله غفور رحيم »
هذه الآيات القرآنية أوردتها على سبيل المثال لا الحصر أكدت أن التقوى هي الإيمان الصادق و العمل الصالح أي الالتزام بأحكام القرآن قولا و عملا سرا و علانية حتى الموت. و بما أن الله تعالى أمر كافة المؤمنين بالتقوى فإن الأمة الإسلامية ملزمة شرعا بممارسة الحكم و السلطة في الدولة الإسلامية لفرض تطبيق القرآن. لهذا تتخد القوانين المطبقة له و تفرض تطبيقها بعدل و بصرامة. و قد ينوب عنها المجلس الإسلامي الذي تنتخب أعضاءه و رئيسه في وضع هذه القوانين المطبقة للقران.وتظهر أهمية ذلك في كون أغلب المسلمين أميين و لا يفهمون القرآن جيدا و في توحيد القوانين الإسلامية في دار الإسلام لكي تتوحد الأمة و تتقوى.
6- يونس 7-8 « إن الذين لا يرجون لقاءنا و رضوا بالحياة الدنيا و اطمانوا بها و الذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ». و النجم 29 « فأعرض عن من تولى عن ذكرنا و لم يرد إلا الحياة الدنيا ». و النازعات 37-41 « فأما من طغى و آثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ». هذه الآيات فرضت على المؤمنين تحقيق توازن تام بين العمل لمتاع الدنيا الحلال و عبادة الله تعالى أي التقوى. فلا يجوز شرعا الإهتمام بمتاع الدنيا و التخلي عن عبادة الله تعالى أي الالتزام بالقرآن. و لهذا فالأمة الإسلامية باعتبارها مكلفة من الله تعالى بصريح آيات القرآن بأن تقوم بتطبيق حكم الله عز و جل الذي أنزله للناس كافة فإنها مسؤولة عن مراقبة الذين يقيمون في دار الإسلام. ويجب أن تفرض عليهم العمل لمتاع الدنيا في الحلال حسب الاستطاعة الصحية و الإمكانيات المتوفرة و لكن في إطار التقوى و عبادة الله تعالى لأن الأمة الإسلامية مسؤولة عن طرد كل من أعرض عن دين الله الإسلام و عن القرآن من دار الإسلام إذا لم يتب توبة نصوحا صادقة و نهائية و الدليل التوبة 105 « و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون ». والجمعة 10« فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ». و الأنفال 60 « و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ». و الكهف 7 « إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ». و القصص 77 « ولاتنس نصيبك من الدنيا ». أمر الله تعالى الإنسان بالعمل الحلال لمتاع الدنيا و لإشباع رغباته و حاجياته المشروعة و لكن في إطار الإلتزام بأحكام القرآن و عبادة الله تعالى. و الأدلة منها الذاريات 56 « و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ». و المنافقون 9 « يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله و من يفعل ذلك فأولائك هم الخاسرون ». و المجادلة 17 « لن تغني عنهم أموالهم و لا أولادهم من الله شيئا أولئك اصحاب النار هم فيها خالدون ». و سبأ 37 « وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن و عمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا و هم في الغرفات آمنون». و الجاثية 35 « ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزؤا و غرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها و لا هم يستعتبون ». فالمؤمن لا يجوز شرعا أن يهتم بالعمل لمتاع الدنيا وحده بل من الواجب عليه هذا العمل حسب استطاعته و لكن لا يجوز له الإعراض عن القرآن و التخلي عن عبادة الله تعالى. لهذا فالأمة الإسلامية مسؤولة عن مراقبة هذه المسألة في دار الإسلام. و هذا واجب شرعي فرضه الله تعالى عليها في إطار واجب تطبيق القرآن.
فاعبدوا الله تعالى أيها المؤمنون بصدق و إخلاص و في آن واحد اعملوا لمتاع الدنيا الحلال و المساهمة في إعداد القوة التي أمر بها الله تعالى للدفاع عن أنفسكم و عن دين الله الحق الإسلام في مواجهة الكفار و المنافقين الذين يتربصون بكم. و لا تبدلوا حب الله تعالى و الإخلاص له و دينكم بأي ثمن و مهما كانت الظروف المحيطة بكم سواء كنتم أغنياء أم فقراء و تذكروا قول الله تعالى و أمره في آل عمران 175 « إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين ». و التوبة 13 « فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين » واحذروا ابتلاء الله تعالى لكم لقوله في الحج 11 « و من الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به و إن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين ». هذه الآيات التي بينتها تؤيد الحكم الدستوري الأساسي الذي يفرض على الأمة الإسلامية ممارسة الحكم و السلطة في دار الإسلام لمراقبة أنشطة كل من يقيم فيها لفرض التوازن بين العمل لمتاع الدنيا و التقوى أي العمل للآخرة لقوله تعالى في التوبة 105 « و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون ». بمعنى إلزام الناس باحترام شرع الله و حدوده بصفة دائمة و متواصلة و لو عند العمل لمتاع الدنيا.
7- النور 56 « و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة ». هذه الآية أكدت بأن الصلاة و الزكاة فريضتان أساسيتان من فرائض الإسلام الأخرى. لهذا يجب على الأمة الإسلامية ممارسة الحكم و السلطة في دار الإسلام لتطبيق منهج الله تعالى و منه إلزام كل من يقيم فيها بأداء الصلاة و الزكاة إذا كانت مستحقة في أمواله. بل تقتطع واجبات الزكاة المستحقة من أموال الملزمين بها من طرف السلطة الإسلامية إذا لم يدفعوها. و يجب على الأمة السلامية تهيء كل المرافق و المساجد و الوسائل التي تمكن المؤمنين من أداء فريضة الصلاة. و هذه الواجبات المترتبة عن فريضة الصلاة و الزكاة تعتبر من الأحكام الشرعية التي تسند الحكم و السلطة للأمة الإسلامية في دار الإسلام. و من آيات القرآن المؤكدة للنور 56 المذكورة الحج 78 « فأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و اعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى و نعم النصير ». و البينة 5 « و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة ». و الأنفال 4-2 « إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا و على ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم و مغفرة و رزق كريم ». و يجب توفير كل الظروف التي تمكن المؤمنين من أداء فريضة الصلاة و كل ما تحتاجه من مرافق و مرشدين دينين للقيام بالتوعية و تعليم الناس شؤون الدين الإسلامي لقوله تعالى في النحل 43 « فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ». و البقرة 159-160 « إن الذين يكتمون ما أنزلناsq من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولائك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم ». لقد جعل الله تعالى الصلاة و الزكاة من شروط الإسلام و من شروط الإقامة في دار الإسلام لقوله تعالى في التوبة 11 « فإن تابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ». و الحكم الشرعي الغير المنطوق في هذه الآية أن من لا يصلي و لا يؤدي الزكاة المفروضة عليه عمدا ليس مسلما و ليس أخا للمسلمين ومصيره إن لم يتب جهنم حتما والدليل الأعلى 14-15 « قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ».والمدثر 42-43 « ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين » فهذا جواب أهل جهنم لأهل الجنة عن سبب تعرضهم لعذاب الله تعالى.لهذا فالذي لايصلي ولا يؤدي الزكاة المفروضة عليه لا حق له في الإقامة بدار الإسلام و ليس من الأمة الإسلامية إذا لم يتب توبة نصوحا و صادقة مجسدة فعلا في التقوى. و من آيات القرآن التي أكدت أهمية فريضة الصلاة و الزكاة النساء 103« فأقيمـوا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ». و العنكبوت 45 « و أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر ». والبقرة 238 « حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى و قوموا لله قانتين ». بل جعل الله تعالى الصلاة و الزكاة من أسباب فلاح المؤمنين و فوزهم بسعادة الدنيا و الآخرة لقوله عز و جل في المؤمنين 4-1 « قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون و الذين هم عن اللغو معرضون و الذين هم للزكاة فاعلون ». هذه الآيات القرآنية مثل باقي الآيات الأخرى فرضت على الأمة الإسلامية و كافة المؤمنين تطبيق منهج الله تعالى القرآن في دار الإسلام. هذا المنهج الذي لا يعني الصلاة و الزكاة فقط بل كل ما في القرآن من أوامر و نواهي و أحكام شرعية. هذه الآيات القرآنية هي أساس القانون الدستوري الإسلامي و الأحكام الدستورية الإسلامية التي أسندت الحكم و السيادة و السلطة العليا في دار الإسلام للأمة الإسلامية بعد الله تعالى و بتفويض منه عز و جل.
و من هنا يظهر الواجب الذي فرضه الله تعالى على الأمة الإسلامية أو مجلسها بخصوص تولية الحكام و أولي الأمر المؤمنين الصالحين المتقين لممارسة الحكم و السلطة لتنفيذ القوانين المطبقة للقران و التي تتخدها الأمة الإسلامية او مجلسها المنتخب. و يظهر كذلك واجب عزلهم و معاقبتهم إذا أخلوا بالمسؤولية. و هذا ما سابينه في المحور الرئيسي الثالث و الاخير في هذا المبحث.
III - آيات القرآن التي فرضت على الأمة الإسلامية تولية و عزل الحكام و أولي الأمر:
قبل أن أبين الأحكام الشرعية المتعلقة بتولية و عزل الحكام في دار الإسلام أعطي الأدلة على أن وضعية الرسل خاصة بهم. و لا تنطبق على الحكام و أولي الأمر في دار الإسلام. و أعطي الأدلة كذلك على أن ما يسمى خطأ بالخلافة السياسية في بلاد الإسلام ليس له أي سند شرعي في القرآن و لا ينطبق على الحكام و أولي الأمر. هذه الأدلة تبرهن و تؤكد بأن الأمة الإسلامية بعد الرسول هي وحدها التي فوض إليها الله عز وجل المسؤولية عن تطبيق القرآن و ممارسة الحكم و السيادة و السلطة في دار الإسلام. لكن الأمة أو مجلسها الإسلامي ينتخب و يعين الحكام و أولي الأمر و يعزلهم إذا أخلوا بالمسؤوليةلأنهم يمارسون الحكم والسلطة بتفويض و انتداب من الأمة الإسلامية. و سأتناول في هذا المحور الأخير النقط الثانوية التالية:
أ - وضعية الرسل خاصة بهم و لا تنطبق على الحكام و أولي الأمر.
ب- ما يسمى الخلافة السياسية غير صحيحة و لا تنطبق على الحكام و أولي الأمر
ج- تولية الحكام و أولي الأمر من اختصاص الأمة الإسلامية و المؤمنين.
د - عزل الحكام من اختصاص الأمة الإسلامية و المؤمنين.
أ- وضعية الرسل خاصة بهم و لا تنطبق على الحكام و أولي الأمر.
كل الرسل الذين بعثهم الله تعالى و اصطفاهم من بين الناس انزل عليهم شرائعه و كتبه لتبليغها للناس و الحكم بينهم بمقتضياتها و الدعوة الى الله تعالى و عبادته وحده. و الدليل الحج 75 « الله يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس إن الله سميع بصير ». و الأنبياء 25 « و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ». و البقرة 213 « كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و أنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس ». و الحديد 25 « لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للناس و ليعلم الله من ينصره و رسله بالغيب إن الله قوي عزيز ». فالرسل بلغوا شرائع الله تعالى ليلتزم بها الناس. و الدليل الأعراف 35-36 « يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى و أصلح فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون. و الذين كذبوا بآياتنا و استكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ». و البقرة 38-39 « قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ». الرسل يختارهم الله تعالى بقدرته و قضائه المطلق العادل و يشملهم بعنايته و رحمته. و يمكنهم من كل الأسباب التي تساعدهم على تبليغ شرائعه و كتبه للناس. و من الأدلة غافر 78 « و لقد أرسلنا رسلنا من قبلك منهم من قصصنا عليك و منهم من لم نقصص عليك و ما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق و خسر هنالك المبطلون ». و الرعد 38 « و لقد أرسلنا رسلا من قبلك و جعلنا لهم أزواجا و ذرية و ما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب ». و إبراهيم 11 « قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم و لكن الله يمن على من يشاء من عباده و ما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله و على الله فليتوكل المؤمنون ». و الإسراء 74-75 « و لولا أن تبثناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة و ضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا ». الرسل قاموا بمهامهم تكليفا من الله تعالى الذي اختارهم و حماهم لقوله تعالى في المائدة 67 « يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس ». و قول الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام في الأعراف 144 « قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي و بكلامي فخذ ما آتيتك و كن من الشاكرين ». و قال الله تعالى لنبيه محمد عليه و على كل الرسل صلاة الله و سلامه في يونس 107 « و إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو و إن يردك بخير فلا راد لفضله ». و التوبة 40 « إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه و أيده بجنود لم تروها » و لما انهزم المسلمون في معركة حنين مع كفار قريش و تولوا هاربين أنقذ الله تعالى بجنوده رسوله و المؤمنين فتابعوا الحرب و انتصروا فيها و الدليل التوبة 25-26 " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله و على المؤمنين و أنزل جنودا لم تروها و عذب الذين كفروا و ذلك جزآء الكافرين ". و من الأدلة كذلك على حماية الله تعالى لرسله أن الكفار وضعوا رسوله إبراهيم عليه السلام في النار. و بقدر الله تعالى لم تحرقه و الدليل الأنبياء 69-70 « قلنا يا نار كوني بردا و سلاما على إبراهيم و أرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين ». و قد نجى الله تعالى نبيه موسى و الذين معه من فرعون و جنوده و الدليل الشعراء 63-66 « فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم و أزلفنا تم الآخرين و أنجينا موسى و من معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين ». و يوسف 110 « حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء و لا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ».
الله تعالى هو الذي اختار الرسل و بعثهم و أوحى إليهم بشرائعه لتبليغها للناس لكي لا تكون للناس حجة بعدم التبلغ بهذه الشرائع الواجب عليهم الإلتزام بها. والدليل النساء 163-165« إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح و النبيين من بعده و أوحينا إلى إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و الأسباط و عيسى و أيوب و يونس و هارون و سليمان و آتينا داوود زبورا و رسلا قد قصصناهم عليك من قبل و رسلا لم نقصصهم عليك و كلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل و كان الله عزيزا حكيما ». لهذا أعطى الله تعالى لرسله الحكم و السلطة و ذلك لتبليغ وحيه. و من الأدلة الأنبياء 79 « و كلا آتينا حكما و علما ». و الأنبياء 74 « و لوطا آتيناه حكما و علما و نجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين ». و قال الله تعالى عن رسوله موسى عليه السلام في القصص 14 « و لما بلغ أشده و استوى آتيناه حكما و علما و كذلك نجزي المحسنين ». و قال الله تعالى عن أنبياء آخرين في الأنعام 89 « أولئك الذين آتيناهم الكتاب و الحكم و النبوة ». و مريم 12 « يا يحيى خذ الكتاب بقوة و آتيناه الحكم صبيا ». فالرسل حماهم الله تعالى و منحهم الحكم و السلطة لتبليغ شرائعه. و هناك من اتخذ البقرة 247 أداة لتبرير الحكم الفردي المطلق عمدا أو بسبب عدم فهم السياق الذي وردت فيه و لم يقارنها بالآيات الأخرى التي لها علاقة بها. فالأمر يتعلق ببني إسرائيل بعد موت موسى حيث انحرفوا عن التوراة فبعث الله تعالى طالوت رسولا لإتمام رسالة موسى عليه السلام و الدليل البقرة 247 « قالوا أنى يكون له الملك علينا و نحن أحق بالملك منه و لم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم و زاده بسطة في العلم و الجسم ». و البقرة 248 « إن اية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم و بقية مما ترك آل موسى و آل هارون تحمله الملائكة ». فقد أنزل الله تعالى على طالوت الصندوق الذي كانت فيه نسخة التوراة و الألواح المكتوبة فيها بواسطة الملائكة. و هذا الوحي بواسطة الملائكة لا ينزله الله تعالى إلا على الرسل و طالوت و داوود منهم. و من الوحي الذي أوحى به الله تعالى لطالوت ابتلاؤه جل وعلى بني اسرائيل بعدم الشرب من النهر قبل تجاوزه. و الدليل البقرة 249 « فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ». و مما يدل على أن طالوت الذي آتاه الله الملك بمفهوم الحكم من الرسل البقرة 253 « تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ». و هذه الآية مرتبطة بالقصة التي رواها الله تعالى عن طالوت و داوود. لهذا فالملك بمعنى الحكم لم يؤته الله تعالى إلا لرسله الذين يوحي إليهم بوحيه و يحميهم و ينصرهم و لكن هذه الوضعية الدستورية لا تنطبق على الحكام و أولي الأمر بعد الرسل لأن الله تعالى لم يبعثهم و لم يوح إليهم بشرائعه قصد تبليغها للناس و الحكم بها. و لأن الله تعالى فوض الحكم و السلطة بعد الرسل للأمة الإسلامية المكونة من كافة المؤمنين بحكم الآيات القرآنية التي بينتها سابقا. و ذلك للحكم بين الناس بما أنزل الله تعالى و إتمام رسالة تبليغ القرآن. و لكن الأمة الإسلامية أو مجلسها المنتخب يختار الحكام و أولي الأمر لممارسة سلطة تنفيذ القوانين المطبقة للقرآن و التي تشرعها هي نفسها أو مجلسها. لهذا حرم الله تعالى استبداد أي شخص أو فئة أو أسرة معينة بالحكم و السلطة في دار الإسلام و حرم الله تعالى الإدعاء بتوليته لغير الرسل. و لا يجوز شرعا للحكام و أولي الأمر ممارسة السلطة و الحكم إلا إذا انتخبتهم الأمة الإسلامية أو مجلسها الذي يمثلها و ينوب عنها بناء على الإيمان الصادق و التقوى و الكفاءة. و إذا أخلوا بالواجب تعاقبهم الأمة الإسلامية أو مجلسها و تعزلهم. و ليس هناك في القرآن أي دليل يؤكد أن الله تعالى أسند الحكم و السلطة بعد الرسل لشخص معين. بل أسنده للأمة الإسلامية المكونة من كافة المؤمنين. هناك من عملاء الحكام و غيرهم من يدعي عمدا أو عن جهل لأحكام القرآن بأن الله تعالى هو الذي يولي أولي الأمر و يسند إليهم الحكم و السلطة. و هذا كذب على الله تعالى يستحقون عليه عذابه في الدنيا و الآخرة إذا لم يتوبوا توبة نصوحا صادقة. هذا الإدعاء يراد منه اخضاع المؤمنين للحكم الفردي الاستبدادي و الظلم. و لا يستند إلى أي دليل في القرآن. و الله تعالى لا يولى على الناس إلا الرسل لتبليغ الوحي الذي ينزله عليهم. و لا يقبل العقل و المنطق و القرآن بأن يولي الله تعالى الحكام الظالمين على الناس لأنه العدل و الحق نفسه. و قد أمر بالحكم بين الناس بالعدل. و هذا الإدعاء تكذبه الآيات القرآنية التي أسندت الحكم و السلطة في دار الإسلام للأمة الإسلامية التي تولي و تنتخب من يمارسها تحت مراقبتها أو تفوض ذلك لمجلس منتخب من طرفها. فتدبروا أيها الناس هذه الأحكام الدستورية التي بينتها سابقا. و منها الشورى 38 « و أمرهم شورى بينهم ». و التوبة 71 « و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر ». و النساء 59 « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ». و النساء 58 « و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ». فالله تعالى ترك حرية اختيار الحكام و أولي الأمر للمؤمنين انفسهم.
ب- ما يسمى الخلافة الإسلامية ليس لها أساس في القرآن:
كثير من الباحثين في النظام الدستوري تبنوا خطأ ما يسمى بنظرية الخلافة لإعطاء الحكام و أولي الأمر كل السلطات التي كان يمارسها الرسل. و منهم من استند في نظريته على ادعاء كاذب و هو ان الحاكم خليفة الله تعالى في الأرض ومنهم من ادعى أنه خليفة الرسول .
و سأبين الأدلة على خطأ ما يسمى نظرية الخلافة المذكورة.
الله تعالى ليس غائبا عن أرض الدنيا و عن كل مكان في الكون كله. بل الله تعالى مع كل ما خلق و منه الإنسان بسمعه و بصره و علمه و تصرفه و كلامه. و أحيلكم على بحث نشرته في موقعي المذكور بالانترنيت حول موضوع " من هو الله تعالى و أين هو ". و الآيات القرآنية أكدت أن الله تعالى جعل كل إنسان خليفة في الأرض لإعمارها و التصرف مؤقتا في زينتها ومتاعها و لعبادة الله عز و جل. فالناس يخلفون بعضهم البعض بالتناسل و الدليل السجدة 10-7 « الذي أحسن كل شيء خلقه و بدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه و نفخ فيه من روحه و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة قليلا ما تشكرون ». و هذا الاستخلاف ابتلاء من الله عز و جل لمعرفة من يعبده و يلتزم بشرعه ليفوز بسعادة الجنة الدائمة فيها. لقوله تعالى في يونس 14 « ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ». و الأعراف 129 « و يستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ». و قال الله تعالى عن نبيه نوح عليه السلام يونس 73 « فكذبوه فنجيناه و من معه في الفلك و جعلناهم خلائف و أغرقنا الذين كذبوا بآياتنا ». فلم يجعلهم الله تعالى خلفاء حاكمين على الناس بل جعلهم سلالة للتناسل و التكاثر في الأرض و للتصرف في ما خلق الله تعالى في أرض الدنيا بصفة مؤقتة حتى الموت الحتمي. و الدليل الحديد 7 « آمنوا بالله و رسوله و أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم و أنفقوا لهم أجر كبير ».الله تعالى ليس قادرا فقط على جعل الناس خلفاء في الأرض بل إنه سبحانه و تعالى قادر على إنهاء وجود ما خلق و يستخلف في الأرض ما يريد. و الدليل الأنعام 133 « و ربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم و يستخلف من بعدكم ما يشاء ». و المائدة 17 « لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم و أمه و من في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء و الله على كل شيء قدير ». و فاطر 15-17 « يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله و الله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم و يأت بخلق جديد و ما ذلك على الله بعزيز ». بل الله تعالى قادر على إنهاء وجود الكون كله و ما فيه فيبقى وحده في الوجود لأنه هو الذي أوجد كل ما هو موجود. لهذا فادعاء المغرضين نظرية ما يسمى الحق الإلـهي أو خلافة الله تعالى لممارسة الحكم الاستبدادي على الناس لا أساس له من الصحة أبدا و لا يجوز شرعا كذلك الادعاء بما يسمى خطأ نظرية خلافة رسول الله تعالى للقيام بنفس المهام التي كان يقوم بها في إدارة الدولة و الحكم لأن الرسل من اختيار الله تعالى نزل عليهم الوحي لتبليغ شرائعه للناس و منحهم الحكم و السلطة و الحماية لتنفيذ أوامره سبحانه و تعالى. و لكن ليس من حق الرسول أن يعين من يخلفه بعد موته لأن مهام الرسل و الوحي المنزل إليهم و اختيارهم من الله تعالى. و بعد الرسول الذي أنزل الله تعالى عليه القرآن و هو محمد بن عبد الله عليه و على كل الرسل صلاة الله و سلامه لم يبعث بعده الله تعالى أي رسول. والرسول عليه الصلاة و السلام فهم القرآن الذي بلغه للناس و هو يعلم أن آيات القرآن فوضت الحكم و السلطة بعده للمؤمنين المكونين للأمة الإسلامية فلا تكذبوا على الرسول و لا تدعوا أنه عين من يخلفه بعد موته. فمهة الرسول انتهت بعد موته و الصلاحيات التي كان يمارسها ليست ملكا له بل تفويض مؤقت من الله تعالى الذي اختاره و اصطفاه و حماه. و بعد موت الرسول عليه الصلاة و السلام فإن الأمة الإسلامية هي المختصة بالحكم و السلطة لتطبيق القرآن كما أمرها الله تعالى و قد بينت الآيات القرآنية الدالة على هذه الحقيقة الشرعية في هذا البحث.
و قد أعطى البعض للبيعة مفهوما خاطئا و اعتبروا بيعة الحكام و أولي الأمر أساسا لحكمهم و سلطانهم. و هذا تفسير خاطئ لسورة الفتح 10 « إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه و من أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ». فالبيعة في الإسلام بيعة لله تعالى و ليست لغيره. و مدلولها قبول الإسلام و اعتناقه أي الإيمان بالله تعالى و القرآن و العمل بأحكامه. و ليست البيعة التي قدمت للرسول محمد عليه الصلاة و السلام من طرف المؤمنين هي أساس ممارسته للسلطة و الحكم لأن الله تعالى هو الذي اختاره و أنزل عليه الوحي و منحه الحكم و السلطة و النبوة و حماه من أعدائه سواء بايعه الناس أم لم يبايعوه. لهذا قال الله تعالى في الفتح 10 « يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ». والمائدة 67 « والله يعصمك من الناس » بمعنى أن الله تعالى هو القاهر فوق العباد. و قضاؤه و قدره مطلق عادل. و لا أحد يستطيع منع قضاء الله و قدره و لو الرسل و الملائكة و الجن و الإنس. فالبيعة لا تنطبق على الحكام و أولي الأمر بعد الرسول لأن الحكم و السلطة اختصاص للأمة الإسلامية بتفويض من الله تعالى في القرآن. و البيعة لا تكون الا لله تعالى لأنه سبحانه و تعالى أكد في الفتح 10 بأن البيعة لله تعالى و حده و الدليل عبارة « إنما يبايعون الله ». الواردة في الآية المذكورة. و هناك من اعتمد أيضا على فهم خاطئ لمسألة الشورى في الإسلام حيث فسروا تفسيرا خاطئا ما ورد في آل عمران 159 « فاعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ». هذه الآية أمرت الرسول باستشارة المؤمنين في أمور إدارة الشأن العام و لكن أمرته كذلك بتنفيذ الرأي الذي يقتنع به هو. بمعنى أن الحكم و السلطة للرسول وحده بأمر من الله تعالى. فهذه وضعية خاصة بكل رسل الله تعالى. و لكن لا يجوز شرعا بأن يستند إليها أنصار الحكم الفردي المطلق الاستبدادي لأن وضعية الرسل خاصة بهم بأمر من الله تعالى الذي فوض للمؤمنين و الأمة الإسلامية التشاور بالإجماع أو الأغلبية المطلقة التي تكون على الصواب. و الدليل الشورى 38 « والذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم ». لهذا لا يجوز للحكام و أولي الأمر الذين تنتخبهم الأمة الإسلامية أو مجلسها الاستبداد و الحكم بما أرادوا بل طبقا للقوانين و القرارات التي اتخدتها الأمة الإسلامية أو اتخذها المجلس الذي يمثلها و إذا خالف الحكام و أولوا الأمر هذه القوانين و القرارات المذكورة سقطت و لايتهم ووجب عزلهم و معاقبتهم من طرف الأمة الإسلامية أو المجلس الذي ينوب عنها. و هناك من برر الحكم الفردي و الاستبداد بادعاء ملكية إنسان للبشر و استعبادهم و السيطرة عليهم. وسأبين الأدلة الشرعية من آيات القرآن و التي حرمت ملكية إنسان للناس و السيطرة عليهم و استعبادهم في دار الإسلام . فجميع المؤمنين بحكم القرآن إخوة في الدين و متساوون في الحقوق و الواجبات أمام الله سبحانه و تعالى الذي أمرهم بالحكم بالعدل و طبقا لما في القرآن. و الدليل الأول استنبطته من الآيات التالية: النمل 23-24 « إني وجدت امراة تملكهم و أوتيت من كل شيء و لها عرش عظيم وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله ». و النمل 41 « قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون ». و النمل 44 « قالت رب إني ظلمت نفسي و أسلمت مع سليمان لله رب العالمين ». و سورة الناس 1-3 « قل أعوذ برب الناس ملك الناس إلـه الناس... ». الأحكام الشرعية المستنبطة في هذه الآيات تؤكد أن الله تعالى حرم الظلم و الحكم الاستبدادي و استعباد الناس و تملكهم أو ملكية الحكم في دار الإسلام. فالملك كأسلوب لتملك الناس و استعبادهم كان سائدا قبل نزول القرآن الذي أنزله الله تعالى لتحرير الإنسان من الظلم و لإقامة العدل و الأخوة بين المسلمين. و قد بغضه الله تعالى و ذمه بقوله على لسان ملكة سبأ في النمل 34 « إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها و جعلوا أعزة أهلها أذلة و كذلك يفعلون ». و الله تعالى قرر الرحمة والعزة للمؤمنين فلا يجوز أن يظلمهم أو يذلهم الحكام لقوله تعالى في المنافقون 8 « و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين ». و ليس في القرآن أي نص يسند الحكم و السلطة في دار الإسلام لغير المسلمين الصالحين المتقين باستثناء الرسل عليهم صلاة الله و سلامه. و لا يجوز أن يحكم على المسلمين فيها إلا من اختارتهم و انتخبتهم الأمة الإسلامية أو مجلسها من بين المؤمنين الصالحين المتقين الأكفاء و بشرط الحكم بما أنزل الله في القرآن. الله تعالى هو وحده يملك الكون و ما فيه و منه الناس سواء حاكم أو محكوم و الأدلة منها المؤمنون 84-85 « قل لمن الأرض و من فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون ». و المؤمنون 116 « فتعالى الله الملك الحق لا إلـه إلا هو رب العرش الكريم ». و آل عمران 189 « و لله ملك السموات و الأرض والله على كل شيء قدير ». و الإسراء 111 « و قل الحمد لله الذي لم يتخد ولدا و لم يكن له شريك في الملك ». كل ما في الكون ملك لله تعالى يتصرف فيه كيف يشاء و منه البشر. لهذا فان ملكية الناس لأشياء و منقولات و حيوانات و أموال و غيرها مما هو حلال ملكية مؤقتة و على سبيل الاستخلاف و الانتفاع المؤقت الذي ينتهي بالموت في الدنيا حتما. و الدليل الحديد 7 « و أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ». و يس 71 « أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون ». و النساء 53 « أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ». فالملكية تكون للأشياء و الحيوانات و الأموال الحلال و ليس البشر. لهذا قال الله تعالى في آل عمران 26 « قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء ». فالملك الذي يؤتيه و ينزعه الله إذا شاء هو ملكية الأشياء و الأموال و ليس ملكية البشر أو الحكم. و كمثال النساء 54 « فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب و الحكمة و آتايناهم ملكا عظيما ». أي كثيرا من الأموال و العقارات. و يبين الله تعالى مدلول الملك عند وصفه عز و جل لما في الجنة من خيرات و نعم اعدها للمتقين المؤمنين الصالحين. و الدليل الإنسان 20 «و إذا رأيت ثم رأيت نعيما و ملكا كبيرا ». فليس من يملك البشر إلا الله تعالى. و يبين لنا الله تعالى كذلك مدلول الملك في سورة طه 120 « فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى ». فالملك الذي أراد الشيطان أن يدل عليه آدم و حواء ليس ملكية البشر و الحكم لأن أول إنسان كان في الجنة آنذاك آدم و زوجته حواء قبل أن يهبطا الى الأرض مع الشيطان بأمر من الله تعالى. و القرآن أنزله الله تعالى لتحرير الإنسان من الاستعباد و الاستبداد و الظلم. لقوله تعالى في الإسراء 70 « و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ». و الممتحنة 13 « إن أكرمكم عند الله أتقاكم ». و القرآن أنزله الله تعالى لإقامة العدل و السلم و الأخوة بين المؤمنين لقوله تعالى في عدة آيات منها آل عمران 103 « و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا».
لقد بينت الأدلة الشرعية من القرآن على أن وضعية الرسل عليهم صلاة الله و سلامه لا تنطبق على الحكام في دار الإسلام و لا تنطبق عليهم كذلك نظرية الخلافة الخاطئة و لا ينطبق عليهم الحكم الشرعي الوارد في الفتح 10 الخاص بالرسول وحده .و بينت كذلك أن البيعة لا تعني تولية الحكام بل هي بيعة لله وحده و دليل على الإيمان بالله و القرآن. لهذا فإن الأحكام الدستورية الإسلامية محددة في آيات القرآن وحدها وليس في السنة النبوية، لأن وضعية الرسل كما بينت سابقا لا تنطبق على الحكام و أولي الأمر و ليس في التطبيق السيئ الذي عرفه التاريخ للحكم في البلاد الإسلامية. والنتيجة المترتبة على هذه الأدلة الشرعية أن الحكم و السلطة بعد الرسول من اختصاص الأمة الإسلامية التي تنتخب مجلسها الذي ينوب عنها في تشريع القوانين المطبقة للقران و انتخاب الحكام و أولي الأمر الذين يمارسون السلطة لتنفيذ هذه القوانين تحت مراقبة الأمة الإسلامية و مجلسها. و سوف أبين آيات القرآن التي فرضت على الأمة الإسلامية و المؤمنين تولية و انتخاب الحكام و أولي الأمر في النقطة الموالية.
ج- تولية الحكام و أولي الأمر واجب مفروض على المؤمنين:
كل دستور وضعي في البلاد الإسلامية يسند الحكم و السلطة العليا لفرد أو أسرة أو فئة معينة دون الأمة الإسلامية و المؤمنين كافة فهو مخالف للقانون الدستوري الإسلامي وكل نظام سياسي لايستند الى أحكام القرآن الدستورية ولا يطبق أحكام وحدود الله تعالى ليس إسلاميا مهما ادعى المغرضون إسلاميته ومشروعيته المزيفة لذر الرماد في أعين المسلمين والسيطرة عليهم. لكن انتخابات الحكام وأولي الأمر في دار الإسلام لا يترشح لها و لا يصوت فيها و لا يشرف على عمليتها إلا المؤمنون الصالحون النزهاء والصادقون. و لا يجوز تدخل الحكام فيها أو تزويرها باستثناء التدخل لتطبيق القانون والمحافظة على الأمن. و المقصود بالحكام و أولي الأمر كل الذين يتحملون المسؤوليات الأساسية الكبرى في الدولة الإسلامية. وطبعا علماء الإسلام و كل المختصين في الدراسات الإسلامية و علوم القرآن و المسائل الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و كل ما يهم تدبير الشأن العام كل هؤلاء يتفقون على وضع الدستورالإسلامي للدولة الإسلامية الكبرى الاتحادية و الدول الإسلامية البسيطة المكونة لها في دار الإسلام و ذلك بتدوين الأحكام الدستورية الواردة في القرآن مع الاستفادة من كل القوانين الدستورية الوضعية بشرط عدم مخالفة توابت القرآن. الدولة العصرية مؤسسة وضعية لتنظيم الحكم و الشأن العام. لكن دول الكفار خاضعة لقوانينهم الوضعية. أما في المجتمع الإسلامي فان الله تعالى حدد في القرآن أحكاما وقواعد آمرة وملزمة لتدبير الشأن العام والحكم. لهذا إذا تبنى المسلمون مؤسسة الدولة فإنها حتما يجب أن تختلف عن دولة الكفار لأنها تخضع وجوبا لأحكام النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي و الديني المحددة في القرآن. وأدعو الناس وخاصة المثقفين سواء مسلمين أو غير مسلمين بأن يبحثوا عنها في كتاب الله القرآن وليس في التطبيق السيئ عبر التاريخ وحتى الآن. فالدولة الإسلامية يجب أن تكون أداة لخدمة الدين الإسلامي وتطبيق القرآن و الحكم بما أنزل الله تعالى فيه. و رابطة الجنسية و المواطنة فيها لا تقوم على اللغة أو القبيلة أو العشيرة أو القومية بل على الإيمان الصادق المجسد بالعمل الصالح والتقوى لأن القرآن منزل لكافة الناس في العالم. ودار الإسلام وطن كافة المسلمين دون غيرهم. وحقوق وحريات الإنسان في الدولة الإسلامية حدد الله تعالى أحكامها و قوانينها في القرآن و لا يجوز تغييرها أبدا ولا يجوز استبدالها بقوانين حقوق وحريات الكفار التي تخالفها طبقا لما حكم الله تعالى و أمر به في القرآن. و من ذلك ما يلي: البقرة 213 « كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و أنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس ». و الحديد 25 « لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق