الجزء الثالث
الموضوع :
آيات القرآن التي أسندت الحكم و السلطة للأمة الإسلامية في دارالإسلام.
بالقسط و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للناس و ليعلم الله من ينصره و رسله بالغيب إن الله قوي عزيز ». الحكم الشرعي الدستوري المستنبط من الآيتين جعل السلطة و الحكم أصلا للأمة الإسلامية المكونة من كافة المؤمنين الصالحين الصادقين. لقد فرض عليها الله تعالى بعد الرسول مسؤولية إقامة العدل بين الناس والحكم بينهم بما أنزل. و القرآن خاتم الشرائع و ناسخها. فيجب على الأمة الإسلامية فرض تطبيقه و الحكم به بين الناس. لأن الله تعالى أمر الناس باتباع القرآن أي الالتزام به قولا و عملا سرا و علانية حتى الموت. و الدليل الأعراف 3 « اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم و لا تتبعوا من دونه أولياء ». الزمر 55 « واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة و أنتم لا تشعرون ». و المائدة 45 « و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ». فلا يجوز الحكم بين الناس في دار الإسلام بأي قانون يخالف القرآن أبدا و لو كان حديثا منسوبا للسنة النبوية. و الأنعام 153 « و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ». و الأنعام 155 « وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه » والنساء115 « و من يشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا ». و سبيل المؤمنين هو صراط الله و هو القرآن لأن الإنسان لا يكون مؤمنا إلا إذا اتبع سبيل الله و هو القرآن. و آل عمران 103 « و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا ». و حبل الله الذي حكم به بين العباد هو القرآن. و على الأمة الإسلامية أو مجلسها فرض تطبيق حكم الله تعالى في دار الإسلام لذلك من الواجب عليها انتخاب الحكام و أولي الأمر المؤمنين الصالحين المتقين و المؤهلين لممارسة الحكم و السلطة أي تطبيق منهج الله تعالى و هو القرآن الذي حكم به بين الناس. و الدليل الممتحنة 10 « ذلكم حكم الله يحكم بينكم و الله عليم حكيم ». و الطلاق 5 « ذلك أمر الله أنزله إليكم و من يتق الله يكفر عنه سيئاته و يعظم له أجرا ». إذن من الأحكام الدستورية و الأوامر التي أنزلها الله لتطبق بين الناس أن الأمة الإسلامية مسؤولة عن هذا التطبيق و مكلفة به وجوبا بعد الرسول صلى الله عليه و سلم. هذه المسؤولية جماعية بين كافة المؤمنين في عدة آيات منها المائدة 2 « و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان ». فالتقوى التي أمر الله تعالى المؤمنين بالتعاون عليها هي الإلتزام بالقرآن و تطبيقه. لا تنتخب الأمة الإسلامية أو مجلسها الحكام و أولي الأمر إلا من بين المؤمنن الصالحين المتقين الأكفاء. و الدليل التوبة 71 « والمؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و يطيعون الله و رسوله ». فالولاية الكبرى بعد الله تعالى للأمة الإسلامية و منها تتفرع الولايات الاخرى تحت مراقبتها. لقوله تعالى في آل عمران 110 « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكرو تؤمنون بالله ». و القرآن حدد ما هو معروف و ما هو منكر. لهذا فالأمة الإسلامية صاحبة الولاية الكبرى بعد الله تعالى. لأن الله عز وجل فرض عليها تطبيق القرآن في دار الإسلام. لهذا لا يجوز شرعا لأي شخص بعد الرسول عليه صلاة الله و سلامه بان تكون له ولاية او سلطة على الأمة الإسلامية. و أهم حكم دستوري في القرآن يؤكد أن الأمة الإسلامية أو مجلسها الذي ينوب عنها هي المختصة بتولية و انتخاب الحكام و أولي الأمر نستنبطه من النساء 59 « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ». فكلمة "منكم" تعني من المؤمنين أي الأمة الإسلامية التي خاطبها الله تعالى. و طبقا لهذا الحكم الدستوري الإسلامي الأساسي في النساء 59 نستنتج حقيقة شرعية ملزمة و هي ان الأمة الإسلامية هي المختصة شرعا في تولية و انتخاب أولي الأمر و الحكام في دار الإسلام. و لا يجوز ان يكون هذا الانتخاب أو التولية إلا من بين المؤمنين الصالحين المتقين و المؤهلين.ولا تجوز طاعتهم إلا اذا كانوا ملتزمين بالقرآن و القوانين المطبقة له و التي اتخدتها الأمة الإسلامية او مجلسها الممثل لها. و من الأدلة المائدة 55« انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ». و الشعراء 151-152 « و لا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض و لا يصلحون ». و الشورى 38 « و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ».و طبعا ممارسة السلطة و الحكم في دار الإسلام من أمور المسلمين كافة لهم الحق في تقرير ما يتعلق بها سواء انتخاب من يمارسها أو مراقبة الحكام و أولي الأمر أو عزلهم إذا خالفوا الواجبات أو ارتدوا عن دين الله تعالى الحق الإسلام لأن ولاية الكفار و المنافقين لا تجوز على المسلمين. و أحيلكم على الأدلة المذكورة في النقطة (أ) بالمحور الرئيسي الأول من هذا البحث فلا داعي لتكرارها.
و الأمة الإسلامية تتحمل مسؤولية جسيمة لتطبيق منهج الله عز و جل و حدوده في دار الإسلام و هو القرآن. لهذا يجب ان تنتخب أعضاء مجلسها و رئيسه انتخابا صحيحا صادقا لا يشارك فيه إلا المؤمنون الصادقون الصالحون المتقون سواء فيما يخص الهيئة الناخبة أو المترشحين الذين يجب أن يكونوا من بين ذوي الكفاءة و الأهلية العلمية و التقوى سواء في مجال العلم بأحكام القرآن أو العلم بالمسائل التقنية و الإقتصادية و الإجتماعية و العسكرية إستجابة لأمر الله عز و جل في عدة آيات منها التوبة 122« وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون » والنحل 43 « فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ». و هذا تأكيد لأهمية علماء الإسلام الصادقين المتقين بخصوص شرح و تفسير القرآن و استنباط الأحكام الشرعية من آياته و التي يضعها مجلس الأمة الإسلامي في صيغة قوانين وضعية تطبق بعدل و بصرامة. و هي خير وسيلة فعالة لتبليغ القرآن للناس و الدعوة إلى الله عز و جل. و من آيات القرآن التي أكدت أهمية علماء الإسلام النساء 83 « و إذا جآءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به و لو ردوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم » هذه الآية تدل على أهمية العلماء الصالحين المتقين الصادقين في تفسير القرآن و استنباط الأحكام الشرعية من آياته. و المجادلة 11 « يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات ». و الزمر 9 « قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب » فالعلماء الصادقون المتقون هم أشد حبا و خشية لله لقوله تعالى في فـاطر 28 « إنما يخشى الله من عباده العلماء ». و لكن العلماء المسلمين يتحملون مسؤولية كبرى امام الله و امام الأمة الإسلامية لانهم ملزمون بامر الله تعالى بتفسير القرآن و شرحه و بيان أحكامه الشرعية للناس و خاصة الذين لا يعلمون و ملزمون باعطاء المثل في الفضيلة و الإستقامة و التقوى. و الدليل البقرة 159-160 « إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم ». و البقرة 174 « إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب و يشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار و لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم ». و آل عمران 77 « إن الذين يشترون بعهد الله و إيماهنم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة و لا يكلمهم الله و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم » وفصلت 33 « ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ». فاثبتوا أيها المؤمنون على إيمانكم الصادق و التقوى. و لا تزيغوا عن صراط الله المستقيم و لو أمام التهديد بالموت او مقابل أموال الدنيا و ما فيها وتذكروا آل عمران 175 « إنما ذالكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين ».كما أن مجلس الأمة الإسلامية يجب أن ينتخب أعضاؤه من بين علماء الدين والاقتصاد و السياسة و الاجتماع و التقنيات و المجال العسكري و الشأن العام لتدبير أمور المسلمين جيدا و لتكوين القوة الضرورية للدفاع عن دين الله تعالى الحق الإسلام و عن دار الإسلام و المسلمين في مواجهة الأعداء لقوله تعالى في الأنفال 60 « و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة... ». و لكن يجب الحذر من المنافقين و فقهاء و عملاء الكفار الذين يدعون العلم بأحكام القرآن و لكنهم يجهلونها أو يتجاهلونها عمدا و يضلون الناس لكي لا يفهموا القرآن فهما حقيقيا و صحيحا و ذلك لتحقيق أهدافهم الخاصة و الاستعمارية و حقدهم على الإسلام.
و في ختام هذه النقطة المتعلقة باختصاص الأمة الإسلامية في انتخاب الحكام و أولي الأمر الذين يمارسون الحكم و السلطة في دار الإسلام أبين أن الحكم و السلطة ليس ملكا للحكام و أولي الأمر بل هم في وضعية انتداب من الأمة الإسلامية لممارسته تحت مراقبتها و في إطار توجيهاتها. و لا يجوز شرعا أن يمارس الحكم و السلطة في دار الإسلام إلا الذي انتخبته الأمة الإسلامية أو مجلسها الممثل لها. لهذا لا يجوز شرعا أن يعين الحكام و أولوا الأمر من يمارس الحكم و السلطة مكانهم و لا أن يورثوا الحكم و السلطة لغيرهم لأن الأمة الإسلامية هي صاحبة الاختصاص في تولية و انتخاب الحكام و أولي الأمر. لهذا فكل الحكام و أولي الأمر خاضعون لولاية و حكم الأمة الإسلامية سواء بالنسبة لانتخابهم أو مراقبتهم أو عزلهم. بل أمر الله تعالى المؤمنين بالتعاون لممارسة الحكم و السلطة في دار الإسلام. و من الأدلة المائدة 2 « و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب ». و الشورى 38 « و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم ». و لهذا أتعرض لمسألة أساسية مفروضة على الأمة الإسلامية و هي عزل الحكام و أولي الأمر و مراقبتهم إذا أخلوا بواجب المسؤولية. و سأبين الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه المسألة الهامة في النقطة الثانوية الرابعة و الأخيرة.
د- عزل الحكام و أولي الأمر الظالمين واجب مفروض على المؤمنين:
الله تعالى فرض على الأمة الإسلامية تطبيق القرآن في دار الإسلام و الدعوة إليه. لهذا فالأمة الإسلامية لها مسؤولية جسيمة وولاية كبرى بعد الله تعالى. يجب عليها و على مجلسها الذي ينوب عنها مراقبة الحكام و أولي الأمر باستمرار الى أن تنتهي مدة انتدابهم المحددة في القوانين و القرارات. و إذا خالف أحد الحكام و أولي الأمر أحكام القرآن و القوانين و القرارات التي اتخذتها الأمة الإسلامية أو مجلسها فإن ولايته تسقط شرعا. و يجب على مجلس الأمة الإسلامية عزله من مهامه و معاقبته. و إذا لم يقم المجلس بواجبه يجب على كافة المؤمنين بدار الإسلام اتخاذ كل الإجراءات لعزلـه. و لهذا سأبين الأدلة الشرعية في آيات القرآن التي تفرض عزل و معاقبة الحكام و أولي الأمر الذين أخلوا بواجباتهم و مسؤولياتهم. و قد قسمتها الى نقطتين. الأولى أبين فيها أن طاعة الحكام و أولي الأمر مقيدة بالتزامهم بأحكام القرآن و القوانين المطبقة له و التي اتخذها و شرعها مجلس الأمة الإسلامي. و في النقطة الثانية أبين الآيات القرآنية التي تفرض مقاومة الحكام و أولي الأمر الظالمين إذا لم يعزلهم مجلس الأمة الإسلامية.
1- طاعة الحكام و أولي الأمر مقيدة بالتزماهم بأحكام القرآن:
فرض الله تعالى قاعدة هامة من أهم قواعد و أحكام النظام السياسي الدستوري الإسلامي المحدد في القرآن، و هي النساء 59 « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ». فإذا تم انتخاب الحكام و أولي الأمر في دار الإسلام من طرف الأمة الإسلامية مباشرة أو من طرف مجلس الأمة الذي ينوب عنها طبقا للقوانين و الأحكام الشرعية يجب الإمتثال لهم و طاعتهم و احترام السلطة الإسلامية التي يمارسونها بتفويض من الأمة الإسلامية. لكن هذه الطاعة للحكام و أولي الأمر مقيدة و ليست مطلقة، و تسقط في حالة عدم طاعتهم لله تعالى و عدم التزامهم بحدوده و أحكام قرآنه و القوانين و القرارات المطبقة له و المتخدة من طرف الأمة الإسلامية أو المجلس الذي يمثلها. و من الأدلة الشرعية على ذلك الشعراء 151-152 « و لا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض و لا يصلحون ». والأحزاب 1 « يا أيها النبي إتق الله لا تطع الكافرين و المنافقين » و الإنسان 24 « ولا تطع منهم آثما أو كفورا ». فإذا تبث كفر الحكام أو نفاقهم أو ارتكابهم للسيئات يعاقبهم مجلس الأمة و يعزلهم. و لا حق لهم في الإقامة في دار الإسلام. كل ما حصل ظلم من الحكام و أولي الأمر لا تجوز طاعتهم بل يجب عزلهم و معاقبتهم. و الظلم هو كل مخالفة لأحكام القرآن لقوله تعالى في السجدة 22 « و من أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ». و الطلاق 1 « و من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ». و الأنعام 21 « و من أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون ». فكل من خالف حدود الله تعالى أي أحكام القرآن ظالم و مجرم و مستحق لعقاب الله تعالى و عذاب جهنم إن لم يتب توبة نصوحا صادقة مجسدة فعلا في الإيمان الصادق و العمل الصالح و التقوى. و رغم هذه الآيات و النصوص القرآنية هناك من المغرضين من كذبوا على رسول الله عليه صلاة الله و سلامه و وضعوا حديثا في السنة النبوية مضمونه أن الظلم في القرآن هو فقط الشرك بالله و في نظرهم ارتكاب السيئات ليس ظلما. و هذا غير صحيح. بل يريدون من هذا الحديث المزعوم فتح الباب أمام الحكام و أولي الأمر و غيرهم لارتكاب الذنوب و السيئات وظلم الناس. فتدبروا أيها الناس الآيات التي سبق ذكرها فلا تقبلوا ما نسب للسنة النبوية إذا كان مخالفا للقران الذي هو حديث الله تعالى الذي لا يخالفه أي حديث غيره كما سماه عز و جل في القلم 44 « فذرني و من يكذب بهذا الحديث ». و المرسلات 50 « فبأي حديث بعده يؤمنون » والكهف 6 « فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ». والواقعة 77-81 « إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لايمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين أفبهذا الحديث أنتم مدهنون ». بل أمر الله تعالى رسوله باتباع القرآن وهو حديث الله وكلامه وأمره بالتحدث به وتبليغه للناس. و الدليل آيات كثيرة منها الضحى 11 « و أما بنعمة ربك فحدث » و نعمة الله تعالى هنا هي القرآن و الجاثية 18 « ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها و لا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ». لهذا حرم الله تعالى طاعة الظالم أي المخالف للقرأن. و من الأدلة البقرة 270 « و ما للظالمين من أنصار ». و آل عمران 192 « و ما للظالمين من أنصار ». و المائدة 72 « و ما للظالمين من أنصار ». هذه الآيات حرمت نصر الظالمين أي أمرت بعصيانهم و عدم طاعتهم. فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق و هو الله تعالى. بل أمر الله تعالى بنصره أي الدفاع عن دين الإسلام و القرآن. فالله تعالى قوي و لا يحتاج إلى من يدافع عنه و لكن هذا ابتلاء من الله تعالى للناس. فالذي ينصر الله تعالى أي يدافع عن الإسلام ينال رحمة و رضى الله تعالى. و من نصر الله تعالى عزل الحكام و أولي الأمر الظالمين. لهذا قال الله عز و جل في هود 113 « و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار » والنساء 75 « ومالكم لاتقاتلون في سبيل لله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ». هذا أمر صريح من الله تعالى بعدم طاعة الظالمين و بعدم تأييدهم و عدم اتباعهم لأن كل من ساند الظالم و أيده و نصره شريك له في الظلم و ينال نفس العقاب المخصص له طبقا للحكم المستنبط من الآية المذكورة. و قد أعطانا الله سبحانه و تعالى مثالا عن قوم فرعون الذين أطاعوه و اتبعوا كفره و ركنوا إليه رغم فساده في الأرض و اغتصاب نسائهم و قتل أولادهم. و الدليل الزخرف 54-56 « فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا و مثلا للاخرين ». و قد نالوا كذلك عذاب جهنم في الآخرة مع فرعون. و الدليل غافر 47-48 « و إذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار. قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ». و ذكر لنا الله تعالى حوارا جرى بين أصحاب جهنم حيث قال الذين أطاعوا الحكام في الدنيا رغم ظلمهم في سبأ 31 « و قال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن و لا بالذي بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين ». سبأ 33 « وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر اليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا و أسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ».
إن طاعة الحكام و أولي الأمر الظالمين ظلم يعاقب عليه الله تعالى في الدنيا و الآخرة. و الله تعالى قادر على أن ينهي ظلم الحكام و أولي الأمر و على أن يعاقبهم حالا في الدنيا و لكن ترك ذلك للمؤمنين و الأمة الإسلامية في إطار الإبتلاء و الدليل عدة آيات منها محمد 4 « و لو يشاء الله لانتصر منهم و لكن ليبلو بعضكم ببعض ». و الكهف 7 « إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ». و الأنبياء 35 « و نبلوكم بالشر و الخير فتنة و إلينا ترجعون ». و قد أكد لنا الله تعالى ندم الذين أطاعوا الظالمين في الدنيا و هم في جهنم بعد البعث و الحساب لقوله تعالى في الأحزاب 66-67 « يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله و أطعنا الرسول. و قالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا و كبراءنا فأضلونا السبيل ». و للمزيد أحيلكم على البحث الذي نشرته بموقعي المذكور بالأنترنيت حول موضوع " المصير الحتمي لكل إنسان بعد موته كما يبينه الله تعالى في القرآن ".
و هناك حكم دستوري آخر يأمر بعدم طاعة الحكام و أولي الأمر إذا تخلوا عن مسؤوليتهم و ظلموا و خالفوا القوانين و القرارات التي اتخدتها الأمة الإسلامية أو مجلسها الذي ينوب عنها. هذا الحكم نستنبطه من الآيات التي جعلت طاعة الرسل مقيدة بطاعة الله تعالى. الله عز وجل فرض على الرسل طاعته و اتباع الشرائع المنزلة عليهم و الحكم بها بين الناس و فرض على المؤمنين عدم طاعة الرسل إذا خالفوا شرع الله عز و جل. فكيف لا يفرض على غيرهم طاعته المطلقة أي طاعة الله تعالى. لهذا فالآيات المؤكدة لوجوب طاعة الرسل لله تعالى واتباع شرعه مؤكدة أيضا لوجوب طاعة كافة المؤمنين لله تعالى سواء حكام او محكومين. و طاعة الله تعالى يجب أن تتجسد في اتباع القرآن و العمل بأحكامه قولا و عملا سرا و علانية حتى الموت. و من هذه الآيات ما يلي النور52 « و من يطع الله و رسوله و يخش الله و يتقه فأولئك هم الفائزون ». إن وجوب طاعة الرسول في الآية جاء بعد وجوب طاعة الله عز و جل. و اشترط الله تعالى في طاعة الرسول التقوى. و التقوى هي العمل بأحكام القرآن. و الحكم المستنبط من هذه الآية أن طاعة الرسل لا تجوز إذا خالفوا شرع الله عز وجل . لأن الرسل مثل المؤمنين ملزمون بالتقوى و طاعة الله تعالى. أي الالتزام بشرعه. و هذا ما تؤكده سورة يونس 15 « و إذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا إئت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ». و الأحقاف 9 « قل ما كنت بدعا من الرسل و ما أدري ما يفعل بي و لا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي و ما أنا إلا نذير مبين ». و الزمر 13 « قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ». و مؤكد كذلك في هود 63 حيث قال الله تعالى على لسان نبيه صالح « قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي و آتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته. فما تزيدونني غير تخسير ». و قد أمر الله عز و جل رسوله محمد عليه و على كل الرسل صلاة الله و سلامه بأن يتبع القرآن و يلتزم به في عدة آيات منها الجاثية 18 « ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها و لا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ». و الشورى 15 « فلذلك فادع و استقم كما أمرت ». و الأحزاب 2 « و اتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا ». و الزخرف 43 « فاستمسك بالذي أوحي إليك ». و هو القرآن. و أمر الله تعالى الوارد في الزمر 55 موجه للرسول و المؤمنين و فيه قوله تعالى « و اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة و أنتم لا تشعرون ».
و من الأحكام التي قيدت طاعة الرسل و جعلتها مشروطة بطاعتهم لله الأنفال 24 « يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم ». فالحكم الشرعي المسكوت عنه في هذه الآية أن المؤمنين يجب عليهم عدم الإستجابة للرسول أي عدم طاعته إذا دعاهم لغير ما يحييهم أي الى ما يخالف القرآن لأن الذي يتبع القرآن و يعمل به يكون حيا في الدنيا و الآخرة لأن الحياة الدائمة الأبدية الحقيقية تكون في الجنة بعد البعث. هذا الحكم في الأنفال 24 أيدته الممتحنة 12 و منها « و لا يعصينك في معروف ». بمعنى أن طاعة الرسول لا تجب إلا في المعروف أي ما يطابق القرآن. و كذلك الأمر بالنسبة للحكام و أولي الأمر.
و أشير إلى أن هذه الآيات جزء من الأدلة الشرعية التي تغلق باب الكذب على الرسل لتحريف شرع الله تعالى. فكل ما نسب للسنة النبوية من قول أو فعل أو إقرار لا نقبله نهائيا إذا كان مخالفا لنص قرآني و مهما كان الذي ذكره و رواه. و من قبله عن علم أشرك بالله و كفر. لقد بينت في هذه النقطة الأدلة الشرعية التي تحرم طاعة المؤمنين للحكام و أولي الأمر إذا خالفوا القوانين و القرارات التي اتخدتها الأمة الإسلامية أو مجلسها الممثل لها. و بما أن الله حرم طاعة الرسل إذا عصوه فإنه أيضا حرم طاعة الحكام و أولي الأمر إذا عصوه سبحانه وتعالى أي إذا خالفوا القرآن و القوانين المطبقة له. هذه الأحكام الشرعية الدستورية تفرض كذلك عزل الحكام و أولي الأمر الذين لا يطيعون الله تعالى و يتخلون عن مسؤولياتهم.
2- ايات القرآن التي تفرض عزل الحكام و أولي الأمر الظالمين:
إذا عصى الحكام و أولوا الأمر الله تعالى و خالفوا القوانين و تخلوا عن مسؤولياتهم فإن من الواجب على مجلس الأمة عزلهم و معاقبتهم. و إذا لم يقم بمهمته المفروضة عليه فمن الواجب على الأمة الإسلامية عزل الحكام و أولي الأمر المذكورين مباشرة و لو بالقوة و المقاومة المشروعة. و الأدلة الشرعية التي تؤكد ذلك منها: الأحكام الدستورية المستنبطة من الواجب الذي فرضه الله تعالى على الأمة الإسلامية بخصوص فرض تطبيق القرآن في دار الإسلام. و قد بينت سابقا الآيات القرآنية المؤكدة لها فلا داعي لتكرارها.
و من الآيات التي أمرت بمقاومة ظلم الحكام و أولي الأمر و عزلهم النساء 75 « و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ». فأهل القرية هم الحكام لهذا تجب مقاتلتهم إذا ظلموا و طغوا. و الحجرات 9 « و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إن الله يحب المقسطين ». و الأنفال 39 « و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ». فكل من بغى و طغى أي خالف القرآن و القوانين المطبقة له وجب على المسلمين التعاون لمقاتلته و إنهاء ظلمه و فرض تطبيق القرآن عليه. لقوله تعالى في المائدة 2 « و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان ». و مقاومة ظلم الحكام و أولي الأمر تعاون على البر و التقوى. و الحج 40-41 « و لينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة و أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر ». الله تعالى قوي و لا يحتاج الى من ينصره أو يدافع عنه و لكن نصر الله تعالى في هذه الآية معناه فرض تطبيق القرآن و مقاومة كل من يخالفه في دار الإسلام و منهم الحكام و أولوا الأمر. و هذا ابتلاء و امتحان من الله للمؤمنين إذا لم يقوموا بفرض تطبيق القرآن في دار الإسلام يعاقبهم الله تعالى. إن مقاومة ظلم الحكام و أولي الأمر و عزلهم و معاقبتهم و تعيين و انتخاب المؤمنين الصالحين الصادقين المتقين المؤهلين لإدارة الشان العام في دار الإسلام جهاد في سبيل الله عز و جل. و الجهاد في سبيل الله تعالى من فرائض الإسلام . و الدليل الحجرات 15 « إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا و جاهدوا بأموالهم و أنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ». و الأنفال 74 « و الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل الله و الذين آووا و نصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة و رزق كريم ». و الصف 10-12 « يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم و يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار و مساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ». فالجهاد بالمال و النفس لفرض تطبيق القرآن و إنهاء ظلم الحكام و أولي الأمر في دار الإسلام فريضة من فرائض الإسلام. لهذا يجب على المسلمين التعاون و التضامن و التوحد لعزل الحكام و أولي الأمر الظالمين دفاعا عن دين الله تعالى الحق الإسلام و فرض تطبيق القرآن. فكل مسلم ملزم بالمشاركة و المساهمة في الجهاد حسب إمكانياته و استطاعته الفكرية والصحية و المالية و تخصصه و مؤهلاته. و من تخلى عمدا عن الجهاد السلمي و المسلح رغم قدرته و مؤهلاته منافق. و قد حذر الله تعالى المؤمنين من الخوف من الكفار و المنافقين و الحكام و أولي الأمر الظالمين لقوله تعالى في آل عمران 175 « إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين ». و التوبة 13 « فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ». لكن الخوف من الله تعالى وحبه الشديد له مظهر خارجي في الإنسان يتجلى للمؤمنين من خلال اتباعه للقران والإلتزام بحدوده قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت. فمن شروط الإيمان عدم الخوف من الشياطين و الكفار و المنافقين و الجهاد بالمال و النفس لمقاومة الحكام و أولي الأمر الظالمين في دار الإسلام. و من مات أثناء الجهاد في سبيل الله تعالى فقد فاز بسعادة الجنة الأبدية. و الدليل آل عمران 169 « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون ». وآل عمران 195 « فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض. فالذين هاجروا و أخرجوا من ديارهم و أوذوا في سبيلي و قاتلوا و قتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم و لأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله و الله عنده حسن الثواب ». و محمد 6-4 « و الذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم و يصلح بالهم و يدخلهم الجنة عرفها لهم ». و النساء 74 « فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجر عظيما ». و ظلم الحكام و أولي الأمر في دار الإسلام ليس من قدر الله تعالى و قضائه كما يدعي المغرضون الذين يريدون فرض الظلم والاستبداد على الناس لأن الله تعالى هو العدل و الحق لا يظلم أبدا. و الدليل غافر 31 « و ما الله يريد ظلما للعباد ». و الأنفال 51 « ذلك بما قدمت أيديكم و أن الله ليس بظلام للعبيد ». و يونس 44 « إن الله لا يظلم الناس شيئا و لكن الناس أنفسهم يظلمون ». و الشورى 48 « و إن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور ». و الروم 36 « و إذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها و إن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذ هم يقنطون ». و سورة ق 29 « ما يبدل القول لدي و ما أنا بظلام للعبيد ». فظلم الحكام و أولي الأمر ليس من قضاء الله و قدره لأنه عز وجل عادل عدلا مطلقا ولا يظلم أبدا ولا يريد الظلم للناس. و ليس ابتلاء منه تعالى لقوله في العنكبوت 10 « ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ». الله تعالى قادر على إنهاء ظلم الحكام و أولي الأمر في دار الإسلام لأنه القاهر فوق العباد و إذا أراد أمرا فإنما يقول له كن فيكون، ومن الأدلة آل عمران 47 « إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ». و لكنه فرض على المسلمين في إطار الابتلاء و واجب الالتزام بالقرآن فرض عليهم مهمة إنهاء ظلم الحكام و أولي الأمر و لمعرفة المؤمنين الصادقين من المنافقين و الكفار. و الدليل محمد 4 « و لو يشاء الله لانتصر منهم و لكن ليبلوا بعضكم ببعض ». و آل عمران 154 « و ليبتلي الله ما في صدوركم و ليمحص ما في قلوبكم و الله عليم بذات الصدور ». و محمد 31 « و لنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصابرين و نبلوا أخباركم ». و العنكبوت 2-3 « أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قلبهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ». بل الشياطين خاضعون لقدر الله تعالى و سلطانه و حكمه. فإذا شاء منعهم من إغواء و تضليل عباده و لكن جعلهم من وسائل الإبتلاء لقوله تعالى في سبأ 20-21 « و لقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين و ما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك و ربك على كل شيء حفيظ ». و آل عمران 166- 167 « و ما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله و ليعلم المؤمنين و ليعلم الذين نافقوا ».
هذه الآيات القرآنية تؤكد أن مقاومة ظلم الحكام و أولي الأمر فريضة واجبة شرعا على المؤمنين و الأمة الإسلامية لأن القرآن كله مادة ابتلاء من الله تعالى للناس في الدنيا. فمن عمل به و التزم به نال رحمة الله تعالى في الدنيا و الجنة في الآخرة و من أعرض عنه و خالفه ينال عذاب الله تعالى في الدنيا وجهنم في الآخرة. و الدليل المائدة 48 « لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم في ما آتاكم » والقرآن آتاه الله الناس لابتلائهم به. و الملك 1-2 « تبارك الذي بيده الملك و هو على كل شيء قدير الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ». و الكهف 7 « إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ». و الأنبياء 35 « كل نفس ذائقة الموت و نبلوكم بالشر و الخير فتنة و إلينا ترجعون ». الحج 11 « و من الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به و إن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ». و يونس 14 « ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ». و الأعراف 168 « و قطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون و منهم دون ذلك. و بلوناهم بالحسنات و السيئات لعلهم يرجعون ». و للمزيد حول ابتلاء الله تعالى للناس أحيلكم على البحث الذي نشرته في موقعي المذكور بالأنترنيت حول موضوع " من هو الله تعالى و أين هو".
هذه الآيات القرآنية أكدت حكما شرعيا أساسيا و هو أن من شروط الإسلام و الإيمان الصادق و من فرائض الإسلام مقاومة ظلم الحكام و أولي الأمر في دار الإسلام إذا خالفوا شرع الله تعالى و القوانين المطبقة له و التي اتخدتها الأمة الإسلامية أو مجلسها المنتخب. و إذا لم يقم المؤمنون بهذه الفريضة الأساسية و قبلوا هؤلاء الحكام و أيدوهم عن علم و عمدا فإنهم ينالون نفس عقاب الله تعالى المخصص لهم.
فمخالفة القرآن ظلم يعاقب عليه الله تعالى. و إهمال عزل الحكام و أولي الأمر الظالمين و قبول ظلمهم هو أيضا ظلم يعاقب عليه الله تعالى. لقوله تعالى في الزمر 55 « و اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة و أنتم لا تشعرون ». و الكهف 59 « و تلك القرى أهلكناهم لما ظلموا و جعلنا لمهلكهم موعدا ». و الأنعام 42-44 « و لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالباساء و الضراء لعلهم يتضرعون. فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا و لكن قست قلوبهم و زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون. فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ». و الأعراف 4-5 « و كم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ». و القصص 59 « و ما كنا مهلكي القرى إلا و أهلها ظالمون ». والأعراف 97-98 « أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون. أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ». هذه الآيات تؤكد أن الأمة إذا رضيت بظلم الحكام و أولي الأمر و لم تقم بواجب عزلهم و معاقبتهم و انتخاب الأكفاء المتقين مكانهم لتطبيق القرآن فإنها تنال عذاب الله تعالى. ومن الأدلة على عذاب الله تعالى في هذه الحالة الأحزاب 17 « قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة و لا يجدون لهم من دون الله وليا و لا نصيرا ». و الفتح 11 « قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون بصيرا ». و فاطر 15-17 « يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله و الله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم و يأت بخلق جديد و ما ذلك على الله بعزيز ». والمعارج 40- 41 « فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين ». و النحل 112 « وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون ». و من الأدلة الرعد 11 « إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم و إذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له و ما لهم من دونه من وال ». فإذا لم يعزل المسلمون الحكام و أولي الأمر الجائرين الظالمين فإنهم غيروا ما بأنفسهم فلا أحد يمنع عقاب الله تعالى عنهم. و هذا الحكم الشرعي في الرعد 11 مؤيد بالأنفال 53 « ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم و أن الله سميع عليم ». بمعنى أن الناس إذا فسقوا عن أمر الله تعالى بعد أن كانوا صالحين متقين يسحب عنهم نعمه و رحمته و يذلهم و يعذبهم و إذا تابوا توبة نصوحا و صادقة يغير الله تعالى ما بهم و يبسط لهم رزقه. لقوله تعالى في هود 117 « و ما كان ربك ليهلك القرى بظلم و أهلها مصلحون ». و طبعا قبول ظلم الحكام و تأييدهم رغم مخالفتهم لشرع الله و القوانين المطبقة له فساد في الأرض يستوجب عقاب الله عز و جل و ليس إصلاحا. و رغم هذه الأحكام الشرعية المستنبطة من آيات القرآن المؤكدة لوجوب مقاومة الحكام و أولي الأمر الظالمين هناك من أعداء الإسلام من كذب على الرسول صلاة الله و سلامه عليه ونسب إليه حديثا فيه ما معناه أن ما يسمى المهدي المنتظر سوف يبعثه الله تعالى لإنهاء ظلم الحكام و إقامة العدل في الدنيا. هذا الحديث المزعوم غير صحيح. لأن القرآن و من
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق